أيام واختم ، إلى أن تجمع قوى طبائعه وزبدتها الريحية التي هي من جنس النامية ، وهي فضلة ما كان يمتزج منها بالقلب من حرارة غريزية أصلها من الشمس ، فتجذبها قوى الشمس للمناسبة والمشاكلة إلى ما تتحد بالقمر ، بالجنس الذي فيه منها أيضا ، وهو به مشارك لها بباطنه ، ثم تصعد من كوكب إلى كوكب حتى تقف عند الشمس في أفقها. ثم تهبطها في لقاء لطائفها التي قد صارت عند المجمع الأدنى ، الذي هو الباب ، ثم تكوّن تلك الفضلات جسدا لتلك اللطائف على ما نبينه في موضعه.
والقسم الثاني (١) : إن بعض أجسام الحدود هو دون تلك القوى. ومن المؤمنين من أهل العبادتين (٢) بالعلم والعمل ، وأعمال البر والخير ، وتتحلل أجسامهم الشيء بعد الشيء ، وهي تكون في جملة النسيم منحفظة بصورها ، ثم تصعد في وقت موقت مزاجا ، هو الدخان والبخار في الجو ، فإذا حرقت إلى الأثير ، انعقدت كواكب كما تنفعل النيازك ، كما قدمنا ذكره ؛ على عدد كواكب برج قد استحق أن يخلفه من يقوم في البرج مقامه ، فيلزم ذلك الموضع ويترتب فيه ، وهبط الأول إلى الأرض ، وكان في السحيق ، وصعد إلى الفواكه المغتذى بها ، فكانت نطفا ، وصعدت إلى الكمال الأول.
وترتب كل منهم في مرتبته اللائقة به ، وذلك لوفاء ستين سنة لمسيرة الأوج ، وكذلك ما كان من جملة أجسام من الحدود والمؤمنين من أول الستين ، يتصاعد ويتحلل ، لا يتم له إلى الفلك صعود ، بل يكون مزاجا ، ويعود ممتزجا في جملة الأمطار ، وتلحق بالمعادن في الأرض ؛ ثم تنعقد جواهر ثمينة منحفظة إلى وقت ما. ثم تنسحق في ذلك الوقت ، ثم تعود إلى القامة الألفية على ما قدمنا ذكره ، من قول سيدنا حميد الدين قدس الله سرّه :
__________________
(١) والقسم الثاني : في القسم الثاني في ج وط.
(٢) العبادتين : العبادة في ج وط.