صاحبه ووافق به صاحبه ، فيكون هو المعبود لا غيره. وبعد فإذا قيل إنّه تعالى واحد ، وعالم ، وقادر ، وحي ، أو غير ذلك ، فليس ذلك له بعلم وحياة وقدرة يصير بها موصوفا ، بل بمعنى أنّه فاعل الواحد ، والعالم ، والقادر ، والحي في غير ذلك ، كما يقال للسلطان إنّه بنى المدينة الفلانية ، وضرب رقبة فلان هو بان وضارب ، وليس ذلك صفة لذاته بمعنى أنّه تولى ذلك بنفسه ، بل صفة لمأموره الذي أقدره على ذلك ، فبنى بنفسه ، وضرب بنفسه ، وصار ضاربا بأمره ، وبانيا ، والكل منسوب إليه ، يكون حدوثه بأمره. فعلى مثل ذلك نقول على الله تعالى.
وقال في موضع ثان (١) : الحمد لله الذي عز عن أن يكون له مثال ، وجل عن أن ينعته بوجه من الوجوه مقال ، الذي حارت العقول فيه (٢) ، فلا تنهض لطلب المسالك في إدراك ما تسمه به إلّا شملها العجز عن الوصول إليه ، وتاهت الألباب فلا توري زندا في قصد ما تجعله صفة له إلّا وملكها الجهل بما تقتضي به عليه ، أحمده حمد من يقر بما عقل به ذاته من أنّه فقط ولا أحد من مبدعاته إله ، ولا شيء من مخترعاته إلّا بالتسبيح له ، وأشهد حقا (٣) بما عليه نشأت (٤) ممّا أرجو به الخلاص ، وأنال به
__________________
(١) يريد يعجز عن الدلالة على ما لم يكن مثله ، وليس مما يبنى عن الحروف من لفظ أو كلام شيء يدل على حقيقة المبدع ، لكون ما يراد دركه من المبدع تعالى بوصف وراء ما تؤديه الحروف المؤلفة من المعاني عاجزة عن الأداء عما لم يكن من عنصرها ، وقاصرة عن الاخبار عما لم يكن من جوهرها. وقال في موضع ثان : وقال في موضع ثاني من أول الرسالة الدرية في ج وط.
(٢) لأنه تعالى في حجاب من الامتناع عن قضايا العقليات.
(٣) أي شهادة من عرف الحقيقة العرفانية السرمدية والحدود الجوهرية الباطنية والحامل والمحمولات.
(٤) يعني بذلك أنه رضع لبان دعوة الحق ونشا وترعرع في كنفها وبواسطة علومها استطاع أن يصل إلى المعرفة الحقة.