انقسامها بذاتها بكونها لا جسما ؛ وإذا بطل أن تكون منقسمة بذاتها بكونها لا جسما ، وإذا بطل أن تكون منقسمة بذاتها لزم أنها في جزء واحد من أجزائه هو محلّها ومركزها بذاتها وفي سائرها ، بقواها وأفعالها ، وإذا لزم أنها في جزء واحد من أجزاء العالم هو محلها ومركزها ، وكان المركز من الشيء قلبه وقطبه ، والجزء الذي هو أشرف من سائره ، وكان قلب الأجسام العالية ، والمختص بالشرف منها من الأجزاء المذكورة الشمس ، وكانت الشمس هي مركز الطبيعة ومحلها ، فالشمس مركز للطبيعة موجودة عن النهاية الأولى والمحيطة كلّها بما هي علّة وهي بالإضافة إلى الأجزاء كلّها لشرفها مركز فيه حلولها ، وبه كمالها واتصالها بدار الإبداع ، وقبول الفيض منها بالتشابه الذي به هي في مؤازرتها.
وذلك أن الشمس تهيؤها لقبول بركات عالم الوحدة ، لا كتهيؤ غيرها من موجودات عالم الطبيعة ، ونجوع أنوار الحروف العلوية فيها لا كنجوعها في غيرها ، واتصال الموجودات بها لا كاتصال بعضها ببعض بكونها سابقة من الموجود الأول ولكونها (١) بذلك مركزا تتوجه نحوه أنوار المؤثرات من خارج ، ويتوارد عليه الفيض ، ومصير ذاتها عند التشبيه والتمثيل في دار الجسم ، كالإبداع الذي هو المبدع الأول في دار الوحدة ، ولذلك صارت حاوية لكل شرف وجد بالإبداع بضرب ثان تشابها ، ومؤدية ما يحصل لها من البركات إلى ما دونها ، والمتعلق وجوده بها لتكون عنها المواليد ، فهي مختصة بهذا الجزء الذي هو الشمس ، وأنوارها ساطعة في شيء من كل موجودات العالم (٢) سارية قوتها في ما تفعل في كل شيء منها من أثرها ما لا
__________________
(١) في الأصل المنقول (لكونها سابعة من الموجود الأول وكونها بذلك).
(٢) كل موجودات العالم : الموجودات العالم السارية في ج وط.