وقع به منه التخلف. وإنّما وجد ما وجد من عالم الأفلاك والكواكب ، والطبائع والأركان ، والمزاج والممتزج ؛ كل ذلك أسبابا لظهور من ذكرنا ظهوره.
ثم إن الحال المائزة (١) بينهم من الغنى والفقر ، والعز والذل ، والعجز والقدرة ، والضعف والقوة ، إنّما هو باتفاق نظر الكواكب كما بينا في الشكل المحمود ، والشكل المذموم ، لا بقصد منها الخاسر شيء ، ولا إسعاده. بل اتفاق عن مناظرة هذه الآلات المؤثرات ، وهي كالنار لا تعلم بما تحرقه ، وكالماء لا يعلم ما يغرق فيه ، فلا يصرف أفعالها إليها بعدل منها ولا جور ، وإنّما يضاف العدل إلى مدبر عالم الطبيعة (٢) الذي يحركها إلى المسير ، إلى المناظرات ليعطي كلّا ما يستحقّه ، وفعله ذلك لظهور الولد التام (٣) ، الذي بظهوره وحصوله يسكن هو عن التدبير. وإن كان لا يقع هنالك عنده تعب ولا نصب. وإنّما إظهار الحكمة والخدمة لمن أيده. وأيضا يفعل الجود ، لإظهار الوجود ، الذي هو التفضل ، فهو الحفيظ العليم.
فهذه الفصول قد بينت معنى الخطيئة المرموز بها في ألفاظ الحدود ، ولم يظهروا حقيقة ذلك خيفة أن تقع أسرار أولياء الله مع الجهلة الغفلة الذين يكفرون أهل الحكمة على غوامض علومهم. وقد ذكر الخطاب (٤) في شعر له ذلك بحقيقته ، وهو المرتضى الذي ارتضته حجّة الجزيرة وداعيها ،
__________________
(١) المائزة : المميز ط. الماز ج.
(٢) يقصد به العقل العاشر المتولي لتدبير عالم الطبيعة.
(٣) من هنا جاءت تسمية الكتاب «بكنز الولد» باعتبار أن العلوم العرفانية الموجودة بين سطوره توصل إلى معرفة الولد التام.
(٤) يعني السلطان الخطاب بن الحسين أو الحسن بن أبي الحفاظ الحجوري وله ديوان شعر ، وهو من ـ