يتعالى علينا ، ويأمرنا من ذاته ، بما ليس له ، فوقع بهم الزلة ، ولزمه الفعل فيهم ، حتى يقوم في رتبته من يقوم مقامه ، وينوب منابه (١) ، ويخلفه في استخراج أيضا من يقوم ذلك المقام ، وذلك الأدوار في سائر الأدوار والأكوار ، بما نبيّنه على ما ذكرناه في باب المعاد إن شاء الله تعالى ، فكان التخلف بسبب التكثف ، وتبدلهم بالنور والبهاء ظلمة ، وبالروحانية كثافة. لحدوث الشر من ذواتهم بذواتهم. إذ لا أصل للشرّ في الإبداع ، كما قال الحكيم : وإذا كان الله عادلا في قضائه ، فما مصاب العالم الّا لعلة.
وقال سيدنا المؤيد قس : الحمد لله الذي بنى على العسر واليسر الأمور ، وأجرى على الحلو والمر الدهور ، لعلة منها الأفهام اعتلت وفيها الأوهام ضلت ، وطال فيها الكلام ، واستمر في الفحص عنها الخصام ، فما خلصت من وثاق الحيرة منها النفوس ، ولا انفكت من قناع العجز باستقصائها الرءوس ، أحمده حمد ذي عسر طال أمد عسره ، فانتظر يسرا (٢) ، واعلم أن الله بالغ أمره ، قد جعل الله لكل شيء قدرا.
وقال في بعض أشعاره :
وإنّي لجان ثمار الذي |
|
غرست وحق عقاب لجان |
وقال في ذلك السيد المالك الخطاب بن حسين (٣) نضر الله وجهه في الباب
__________________
(١) من الأئمة المنصوص عليهم في كافة العصور والأزمان.
(٢) فانتظر يسره. العسر بالمفهوم الإسماعيلي وجود النفس الجزئية في عالم الكون والفساد ، لذلك فإنها تظل بغاية الشوق والحنين إلى العودة لكليتها ، وسيدنا المؤيد يعني وجوده في هذا العالم قد طال أي بلغ من الكبر عتيا لذلك فهو ينتظر ساعة خلاص نفسه من جسده بعد أن أصبحت في درجة التهيؤ لنيل الكمال المطلق أو بالأحرى نالت الكمال المطلق عن طريق العبادة العملية والعبادة العلمية وهذا ما تنهد إليه في وجودها الجسماني وكمالها العرفاني الذي ينقلها من حد القوة إلى حد الفعل.
(٣) هو السلطان الخطاب بن الحسين الحجوري من أكبر وأرفع دعاة اليمن في عهد الملكة الحرة أروى الصليحية. ذكره الداعي إدريس عماد الدين في كتابه عيون الأخبار فقال : «وكان الخطاب ـ