(١١٠) سورة النصر مدنيّة
وآياتها ثلاث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً)(٣)
هذه السورة الصغيرة .. كما تحمل البشرى لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بنصر الله والفتح ودخول الناس في دين الله أفواجا ؛ وكما توجهه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين يتحقق نصر الله وفتحه واجتماع الناس على دينه إلى التوجه إلى ربه بالتسبيح والحمد والاستغفار ..
كما تحمل إلى الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ البشرى والتوجيه .. تكشف في الوقت ذاته عن طبيعة هذه العقيدة وحقيقة هذا المنهج ، ومدى ما يريد أن يبلغ بالبشرية من الرفعة والكرامة والتجرد والخلوص ، والانطلاق والتحرر .. هذه القمة السامقة الوضيئة ، التي لم تبلغها البشرية قط إلا في ظل الإسلام. ولا يمكن أن تبلغها إلا وهي تلبي هذا الهدف العلوي الكريم.
* * *
وقد وردت روايات عدة عن نزول هذه السورة نختار منها رواية الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن داود ، عن الشعبي ، عن مسروق ، قال : قالت عائشة : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يكثر في آخر أمره من قوله : «سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه» وقال : «إن ربي كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي ، وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا» فقد رأيتها .. (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) ..
(ورواه مسلم من طريق داود بن أبي هند بهذا النص) ..
وقال ابن كثير في التفسير : والمراد بالفتح هاهنا فتح مكة. قولا واحدا. فإن أحياء العرب كانت تتلوم (أي تنتظر) بإسلامها فتح مكة يقولون : إن ظهر على قومه فهو نبي ، فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجا ، فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيمانا ، ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر