مواقع النجوم تعني هندسة الكون.
نشأة الحياة الإنسانية .. وهي سر الأسرار.
نشأة الحياة النباتية .. وهي كالحياة الحيوانية معجزة المعجزات.
والماء .. أصل الحياة.
والنار .. المعجزة التي صنعت الحضارة الإنسانية.
هذه الطريقة في تناول الأشياء ، وبناء العقيدة والتفكير ، ليست طريقة البشر. فالبشر حين يخوضون في هذه المجالات لا يلتفتون إلى هذه المواد الأولية التي هي بذاتها المواد الكونية. وإذا التفتوا إليها لم يتناولوها بهذا اليسر وبهذه البساطة. بل يحاولون وضع المسألة في قالب فلسفي تجريدي معقد ، لا يصلح إلا لخطاب طبقة خاصة من الناس!
أما الله فطريقته هي هذه .. تناول المواد الأولية التي هي بذاتها المواد الكونية. وبناء العقيدة بها في يسر وسهولة. تماما كما يصنع ـ سبحانه ـ في تناول المواد الأولية التي هي مواد كونية ويصنع منها الكون ..
هذا من ذاك. وعلامة الصنعة واحدة ، واضحة هنا وهناك!
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ! أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ؟ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ؟ نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ ، وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ. عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ. وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ!) ..
إن هذا الأمر أمر النشأة الأولى ونهايتها. أمر الخلق وأمر الموت. إنه أمر منظور ومألوف وواقع في حياة الناس. فكيف لا يصدقون أن الله خلقهم؟ إن ضغط هذه الحقيقة على الفطرة أضخم وأثقل من أن يقف له الكيان البشري أو يجادل فيه : (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ!) ..
(أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ؟ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ؟) ..
إن دور البشر في أمر هذا الخلق لا يزيد على أن يودع الرجل ما يمني رحم امرأة. ثم ينقطع عمله وعملها. وتأخذ يد القدرة في العمل وحدها في هذا الماء المهين. تعمل وحدها في خلقه وتنميته ، وبناء هيكله ، ونفخ الروح فيه. ومنذ اللحظة الأولى وفي كل لحظة تالية تتم المعجزة ، وتقع الخارقة التي لا يصنعها إلا الله. والتي لا يدري البشر كنهها وطبيعتها ؛ كما لا يعرفون كيف تقع. بله أن يشاركوا فيها!
وهذا القدر من التأمل يدركه كل إنسان. وهذا يكفي لتقدير هذه المعجزة والتأثر بها. ولكن قصة هذه الخلية الواحدة منذ أن تمنى ، إلى أن تصير خلقا ، قصة أغرب من الخيال. قصة لا يصدقها العقل لو لا أنها تقع فعلا ، ويشهد وقوعها كل إنسان!
هذه الخلية الواحدة تبدأ في الانقسام والتكاثر ، فإذا هي بعد فترة ملايين الملايين من الخلايا. كل مجموعة من هذه الخلايا الجديدة ذات خصائص تختلف عن خصائص المجموعات الأخرى ؛ لأنها مكلفة أن تنشئ جانبا خاصا من المخلوق البشري! فهذه خلايا عظام. وهذه خلايا عضلات. وهذه خلايا جلد. وهذه خلايا أعصاب .. ثم .. هذه خلايا لعمل عين. وهذه خلايا لعمل لسان. وهذه خلايا لعمل أذن. وهذه خلايا لعمل غدد .. وهي أكثر تخصصا من المجموعات السابقة .. وكل منها تعرف مكان عملها ، فلا تخطئ خلايا العين