ومن وراء سيدنا الرسول صلوات الله وسلامه عليه نجد أفرادا عرف الناس لهم كظم الغيظ ومقاومة الغضب وتحمل الأذى ، ومن هؤلاء : الأحنف بن قيس الذي كان يقول : «من لم يصبر على كلمة سمع كلمات ، وربّ غيظ قد تجرعته مخافة ما هو أشد منه».
ولقد كتب الامام علي رضي الله عنه الى الحارث الهمذاني فقال له فيما قال ، وهو يوصيه بمكارم الخصال ومحامد الفعال : «واكظم الغيظ ، وتجاوز عند المقدرة واحلم عند الغضب ، واصفح مع الدولة (أي السلطة والقدرة) تكن لك العاقبة».
وهذا النص يدلنا على أن كظم الغيظ انما يجمل ويحسن اذا كان من الأعلى بالنسبة الى الأدنى ، ومن القادر بالنسبة الى العاجز ، ومن القوي بالنسبة الى الضعيف ، ومن الحاكم بالنسبة الى المحكوم ، ومن الرئيس بالنسبة الى المرؤوس ، وهكذا.
ولذلك كان أحق الناس بالاتصاف بفضيلة كظم الغيظ : الحكام والرؤساء والقادة ، والمعلمون والكبار ومن على شاكلتهم ، وفي هذا المجال تتذكر ما روي ان مملوكا لموسى بن جعفر رضي الله عنه قدّم اليه صحفة فيها طعام حار ، فتعجل في تقديمه ، فوقع الطعام على موسى ، فغضب ، فقال له الغلام : والكاظمين الغيظ. فقال موسى : قد كظمت غيظي. فقال الغلام : والعافين عن الناس. فقال موسى : قد عفوت عنك. فقال الغلام : والله يحب المحسنين. فقال موسى : اذهب فأنت حر لوجه الله تعالى.
* * *
ولقد تحدث حجة الاسلام الغزالي عن آثار الغضب عند العجز عن كظم الغيظ فقال : «ومن آثار هذا الغضب في الظاهر. تغير اللون ،