أيها المريد ، وارغب في ثواب الله تعالى ، وانما هو أن ترجع الى نفسك الخبيثة فتذيبها بالطاعة ، وتفارقها وتميتها بالمخالفة ، وتذبحها باليأس فيما سوى الله ، وتقتلها بالحياء من الله عزوجل ، ويكون حسبك. وتسارع في جميع الخيرات ، وتعمل في جميع المقامات ، وقلبك وجل أن لا يقبل منك ، فهنا حقائق القبول والاخلاص والصدق ، حتى تتخلص وتصير الى الله تعالى ، والله يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد».
وهؤلاء الاسلاف الاخيار الاطهار قد ضربوا نماذج رائعة في لوم النفس ، حتى رسم بعض شعراء الاسلام صورة لواحد من هؤلاء اللوامين ، فقال عنه :
نحيل الجسم مكتئب الفؤاد |
|
تراه بقمة أو بطن وادي |
ينوح على معاص سابقات |
|
يكدر ثقلها صفو الرقاد |
فان هاجت مخاوفه وزادت |
|
فدعوته : أغثني يا عمادي |
فأنت بما ألاقيه عليم |
|
كثير الصفح عن زلل العباد |
* * *
وينبغي ان نتذكر أن من ثمرات لوم النفس أن الوصول الى مكانة الرضا والطمأنينة يكون عن طريق هذه الفضيلة ـ فضيلة لوم النفس ـ ولذلك يقول حجة الاسلام : «اعلم أن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ، وقد خلقت أمارة بالسوء ، ميالة الى الشر ، فرارة من الخير ، وأمرت بتزكيتها وتقويمها وقودها بسلاسل القهر الى عبادة ربها وخالقها ،