وقد أجاب الرازي عن هذا الاعتراض بقوله : «والجواب عن الكل أن يحمل اللوم على تمني الزيادة ، وحينئذ تسقط هذه الاسئلة».
وجاء بعد ذلك أقوال في المراد بالنفس اللوامة ، منها :
١ ـ هي نفس آدم عليهالسلام ، لم تزل تلوم نفسها على فعلها الذي خرجت به من الجنة.
٢ ـ هي نفس الانسان الشقي حين يشاهد احوال القيامة وأهوالها ، فانها حينئذ تلوم نفسها على ما ارتكبت من المعاصي.
٣ ـ هي نفس الانسان الملول الذي يطلب الشيء ، فاذا وجده ملّه وزهد فيه. فيلوم نفسه على أنه طلبه ، واجتهد للحصول عليه.
٤ ـ هي النفس الشريفة المحاسبة التي لا تزال تلوم نفسها ، وتشعر بالتقصير وان اجتهدت في الطاعة ، وتتمنى مزيدا من البعد عن السوء ، مع مزيد من مضاعفة الخير. وهذا أجدر الآراء بالقبول.
* * *
ولقد أشار سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسّلام الى معنى لوم النفس حين قال : «المؤمن كالسنبلة ، يفيء أحيانا ، ويميل أحيانا». ومعنى هذا أنه اذا ألمّ بخطيئة لم يوطّن نفسه عليها بالاصرار ، بل يسارع فيفيء ويعتدل بلوم النفس والاستغفار ، ولعل هذا هو بعض ما نفهمه من قول الرسول صلىاللهعليهوسلم : «اتق الله حيثما كنت ، واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن».
ومن بعد هدي النبوة الطهور نجد أسلافنا يعنون بالدعوة الى فضيلة لوم النفس ومعاتبتها. ومن أمثلة ذلك ما جاء في كتاب «اللمع» حيث أوصى أبو سعيد الخراز بعض أصحابه فقال له : «احفظ وصيتي