والعفة تحمله على اجتناب الرذائل والقبائح من القول والفعل ، وتحمله على الحياء وهو رأس كل خير ، وتمنعه من الفحشاء والبخل والكذب والغيبة والنميمة.
والشجاعة تحمله على عزة النفس ، وإيثار معالي الأخلاق والشيم ، وعلى البذل والندى الذي هو شجاعة النفس وقوتها على إخراج المحبوب ومفارقته ؛ وتحمله على كظم الغيظ والحلم ، فإنه بقوة نفسه وشجاعتها يمسك عنانها ، ويكبحها بلجامها عن النزغ والبطش ، كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ليس الشديد بالصّرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» وهو حقيقة الشجاعة ، وهي ملكة يقتدر بها العبد على قهر خصمه.
والعدل يحمله على اعتدال أخلاقه ، وتوسطه فيها بين طرفي الإفراط والتفريط ، فيحمله على خلق الجود والسخاء الذي هو توسط بين الذل والقحة ، وعلى خلق الشجاعة الذي هو توسط بين الجبن والتهور ، وعلى خلق الحلم الذي هو توسط بين الغضب والمهانة وسقوط النفس ، ومنشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة».
* *
وإذا كان القرآن المجيد قد حدثنا عن الاخلاق هذا الحديث الموجز المركّز المعجز ، فإن السنة النبوية المطهرة قد أقبلت من وراء القرآن تبيّن وتفسر وتؤكد ، وتفسح مجال الحديث عن أخلاق الإسلام الكريمة ، ولا عجب في ذلك ، فالرسول صلىاللهعليهوسلم هو القائل : «بعثت لأتمم مكارم الاخلاق».
ولقد كان من دعاء النبي في افتتاح الصلاة قوله : «اللهم اهدني لاحسن الاخلاق ، لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيّئها ، لا يصرف عني سيئها إلا أنت». وهذا الدعاء يرينا مبلغ حرص نبي الاخلاق على التمسك بالمثل الاعلى والكمال الاسنى في الفضائل والمكارم.
وهو الذي قال : «أكمل الناس إيمانا أحسنهم خلقا». وقال : «ليس شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق». وقال : «اتق الله حيثما كنت ، واتبع