ولمّا كانت المذاهب والأفكار لها رواج بين الناس وتأثيرها في العوام أكثر من غيرهم ممّا دفع بالإمام عليهالسلام أن يوضّح العقائد ويبيّن ما التبس على أصحاب الأهواء والنحل ، فكانت خطبه في التوحيد على رأس تلك الخطب وذلك تلبية لحاجة المجتمع ، وترسيخاً للعقائد والمفاهيم الإسلامية في النفوس.
إذن يحتّم علينا أن نقول إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام هو الذي فتق علم التوحيد ، وهو الذي عالج قضاياه على ضوء القرآن الكريم ، وهو الذي علّم تلامذته أن يسلكوا هذا النهج مع الخصوم من الملاحدة ، والزنادقة ، وأهل البدع ، وأرباب الفلسفة ، وبالتالي أنّ لـه السبق ممّن نطق بهذه الفنون ، وأنّ علم التوحيد برز على يد الإمام قبل أن يخلق عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء.
أمّا الشكّ الحادي عشر : ادّعى البعض أنّ أهل اللغة والأدب لم يستشهدوا بـ : نهج البلاغة.
أقول :
ليت شعري لو تصفّح هذا المدّعي كتب الأوائل من مؤرّخين وأدباء وعلماء لوجد النصوص مبثوثة هنا وهناك وقد أسلفنا في الصفحات المتقدّمة أنّ بعض علماء اللغة والأدب نقل لنا العديد من نصوص أمير المؤمنين عليهالسلام وكلامه في شتّى المواضيع والمناسبات ، فهذا أبو عمرو الجاحظ ذكر جملة من خطب أمير المؤمنين عليهالسلام في كتابه البيان والتبيين ، وهذا ابن عبـد ربّه الأندلسي ذكر في كتابه العقد الفريد جملة من خطب الإمام عليهالسلام ، و ... ويطول المقام لو أردنا أن نسرد أسماء الكتب التي نقلت