وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)(١).
وفي نفي الشريك يستدلّ القرآن الكريم بقولـه تعالى : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا)(٢).
هذه الإستدلات القرآنية ليست هي بعيدة عن المسلمين الأوائل ، لذا فهي تشكّل جذور علم الكلام والفلسفة وقد استنطق أمير المؤمنين عليهالسلامالقرآن الكريم وكانت خطبه عبارة عن شرح لتلك الدلالات فهو نبع الفصاحة ، وسرّ البلاغة ، وقد عكف على مدارسة القرآن منذ أن هجره القوم وتركوا بيعته.
وفي فضل أمير المؤمنين عليهالسلام وسابقته إلى الإسلام وغزارة علمه يقول الحسن البصري حين سئل عن عليٍّ «قال : لم يكن بالنؤمة عن أمر الله ، ولا بالملومة في دين الله ، ولا بالسروقة لمال الله ، أعطى القرآن عزائمه فيما عليه وله ، فاحلّ حلاله ، وحرّم حرامه ، حتّى أورده ذلك رياضاً مونقة وحدائق مغدقة ..»(٣).
ثالثاً : تُعدّ الكوفة حاضرة العالم الإسلامي وقتئذ عندما نزلها أمير المؤمنين عليهالسلام ونقل عاصمة خلافته إليها.
والكوفة ليست كالحجاز والشام ومصر ، بل هي قبلة العلماء ، ومرجع الأدباء والفلاسفة والمتكلّمين ، ومهبط الأفكار والعلوم ، إذ نزلها الفرس ، والسريانيّون والكلدانيّون ، وفيها راجت الديصانية والزندقة والأفكار الهندية واليونانية ..
__________________
(١) سورة الذاريات ٥١ : ٢٠ ـ ٢١.
(٢) سورة الانبياء ٢١ : ٢٢.
(٣) انظر : البيان والتبيين للجاحظ ٢ / ٨٨ وهامش الصفحة.