ومن السجع قوله : «إنّ الأعمار تفنى ، والأجسام تبلى ، والأيّام تطوى ، والليل والنهار يتطاردان تطارد البريد ، يقرّبان كلّ بعيد ، ويخلقان كلّ جديد .. الخ»(١).
وقوله عليهالسلام : «افشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلّوا بالليل والنّاس نيام»(٢).
وهكذا لو تصفّحت خطب الصحابة وخطب أبي بكر وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وغيرهم لوجدت الكثير من ذلك السجع والتنميق ويجدر بالمعترض أن يقرأ قبل أن يدلي بشكوكه ولبنات أفكاره الواهية ، عليه أن يقرأ : البيان والتبيين للجاحظ ، وعيون الأخبار لابن قتيبة ، والعقد الفريد لابن عبـد ربّه الأندلسي ، وجمهرة خطب العرب ، ففي تلك المصادر ما يشفي الغليل وبها يصحو العليل فما أكثر النصوص ، وما أكثر السجع والمقابلة فيها ، فهي جميعاً من مختارات بلغاء العرب وخطبائهم في الجاهلية وصدر الإسلام.
أمّا الشكّ العاشر : وهو أنّ النهج اشتمل على صيغ فلسفية وكلامية وعلوم لم تعرف إلاّ بعد زمن الإمام عليهالسلام ... والردّ عليه بإمور :
أوّلا : إنّ في القرآن مئات الآيات تؤكّد على فكرة التوحيد ، وتحثّ النّاس على التدبّر في تلك الآيات والإمعان فيها :
قال تعالى : (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ
__________________
(١) البيان والتبيين ٢ / ٢٥٦.
(٢) المجموع للنووي ٤ / ٥٩٣ ، بدائع الصنائع ٥ / ١٠١ ، المحاسن ٢ / ٣٨٧.