أمّا الشكّ الرابع : وهو اعتراض البعض على أنّ في النهج إنباء بالغيب ، كإخباره بملك الأمويّين وقيام دولتهم ، وبعدها دولة بني العبّاس ، وكإخباره في ظهور الفتن والثورات ، كثورة الزنج وظهور التتار .. (١)
أقول :
ردّ هذا الاعتراض من وجوه :
أوّلاً :
إنّ الإمام عليهالسلام لم يدّعِ هذا الغيب ، بل نفاه عنه في تصريح منه للرجل الكلبي في كلام وقع منه في وصف الأتراك فقال للرجل وكان كلبيّاً : «يا أخا كليب ليس هو بعلم غيب ، وإنّما هو تعلّم من ذي علم وإنّما علم الغيب علم الساعة ، وما عدّده الله سبحانه بقوله (إنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ)(٢).
ثانياً : إنّ الغيب من الأمور المختصّة بالله سبحانه ولكنّه تعالى يجوز له أن يُطْلِعَ من يشاء من عباده عليه وذلك قوله تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُول)(٣).
ثالثاً : الجميع يعلم أنّ الإمام عليّ عليهالسلام تربّى في حجر النبيّ منذ نعومة أظافره ، وعنه أخذ علومه ، وكان هو مؤدّبه ومعلّمه وموضع سرّه ، وكثرت المناجاة بينهما حتّى قال عليهالسلام : «علّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من العلم
__________________
(١) انظر : أثر التشيّع في الأدب العربي : ٥٧.
(٢) سورة لقمان ٣١ : ٣٤.
(٣) سورة الجن ٧٢ : ٢٦ ـ ٢٧.