فلا يسقينّ منه شيئاً حتّى نأتيه ، فسبقه إليه نفر من المنافقين واستقوا ما فيه فلمّا أتاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقف عليه فلم ير فيه شيئاً ، ولمّا علم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر المنافقين ، قال : أولم ننههم أن يستقوا منه شيئاً حتّى نأتيه ، ثمّ لعنهم ودعا عليهم(١).
روى البخاري عن زيد بن ثابت : «لمّا خرج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اُحد رجع ناس من أصحابه فقالت فرقة منهم : نقتلهم ، وقالت فرقة : لا نقتلهم ، فنزلت الآية الكريمة : (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا ...)(٢). قال الراغب في مفرداته : أركسهم أي ردّهم إلى الكفر»(٣).
ومن الصحابة من نزلت فيهم قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٤) والتفصيل في هذا الموضوع يطول لأنّ الشواهد القرآنية في الكشف عن هذا الصنف الثالث كثيرة جدّاً وعليه ، فالصحابة قوم من النّاس لهم ما للنّاس وعليهم ما عليهم واعتبارهم جميعاً عدولاً أنّها مكابرة شديدة ، ومن رفض محاسبتهم أو نقدهمُ أو تجريحهم ، إنّما يرفض قول الله العزيز ، وما جاء في حقّهم بصريح القرآن وقد أشرنا إلى جملة منها. وفي هذا أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام عليّ عليهالسلام أن يقاتل (الناكثين والقاسطين والمارقين) لأنّ جميعهم قد خرجوا عن الحقِّ فهم أضلّوا سبيلاً وكانت خاتمتهم الخسران المبين ، وكما قيل إنّ الأمور بخواتيمها.
__________________
(١) أضواء على السنة المحمّدية : ٣٥٣.
(٢) سورة النساء ٤ : ٨٨.
(٣) اضواء على السنة المحمّدية : ٣٢٢.
(٤) سورة التوبة ٩ : ١٠٧.