وعادت إلى(١) حالها ، وأمر الريح فسارت بنا وإذا نحن بملك يده بالمغرب وأُخرى بالمشرق ، فلمّا نظر الملك إلى أمير المؤمنين قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّـداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحقّ ليُظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، وأشهد أنّك وصيّه وخليفته حقّاً وصدقاً.
فقلت : يا أمير المؤمنين ، من هذا الذي يده في المغرب ويده الأُخرى في المشرق؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «هذا الملك الذي وكّله الله بظلمة الليل وضوء النهار ولا يزوله(٢) إلى يوم القيامة ، وإنّ الله تعالى جعل أمر الدنيا إليَّ ، وإنّ أعمال العباد تعرض عليَّ في كلّ يوم ، ثمّ ترفع إلى الله تعالى.
ثمّ سرنا حتّى وقفنا على سدّ يأجوج ومأجوج ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلامللريح : «اهبطي بنا ممّا يلي هذا الجبل» وأشار إلى جبل شامخ في العلوّ ـ وهو جبل الخضر ـ فنظرنا إلى السدّ وإذا ارتفاعه مدّ(٣)البصر ، وهو أسود كقطعة الليل الدامس(٤) ، يخرج من أرجائه الدخان ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «يا أبا محمّـد ، أنا صاحب هذا الأمر على هؤلاء العبيد» ، قال سلمان : فرأيت أصنافاً ثلاثة طول أحدهم مائة وعشرون ذراعاً ، والثاني طول كلّ واحد ستّون ذراعاً ، والثالث يفرش إحدى أُذنيه
__________________
(١) في «ط» : على ، وما في المتن من المحتضر والبحار.
(٢) في المحتضر : بالليل والنهار فلا يزول ، وفي البحار : بظلمة الليل والنهار لا يزول.
(٣) في «ط» ما يحدّ ، وما في المتن من المحتضر والبحار ، وهو أقرب للسياق.
(٤) الدامس : أدمس الظلام وأدمس ، إذا اشتدّ ظلامه. تهذيب اللُّغة ١٢ : ٣٧٩ ـ دمس.