مقتل الأمير صدقة بن مزيد :
لا تكاد تغيب عن القارئ والباحث الفطن الأسباب الحقيقية لمقتل الأمير صدقة المزيدي والتي من أهمّها :
١ ـ صفاته النبيلة وشخصيّته الكريمة والتي تمتّعت بخصال نادرة من نبل وشهامة وجود وسخاء وأمان لكلّ خائف ومستجير وإغاثة لكلّ ملهوف وعلى اختلاف ألوانهم وأحوالهم ، ونشر راية العدل بين الرعية وحبّ الناس له ورعايته للعلماء والأدباء وإجزال العطاء لهم ، حتّى تقاطر على بلده الحلّة الفيحاء الكثير من روّاد العلم والفضيلة والذين وجدوا في ظلّه الطمأنينة والاستقرار ، كلّ هذه الصفات والخصال كانت سبباً في تزايد الحاقدين عليه والحاسدين له حتّى من أقرب الناس إليه كابن عمّه ثابت بن سلطان. قال ابن الأثير في تاريخه(١) : «واستأمن ثابت بن سلطان بن دبيس بن علي بن مزيد وهو ابن عمّ صدقة وكان يحسد صدقة».
وممّن يحقد عليه ويبغي له الغوائل أيضاً بعض رجالات الدولة كالوزير العميد أبو جعفر البلخي.
قال ابن الأثير(٢) : «ثمّ أفسد ما بينهما العميد أبو جعفر محمّـد بن الحسين البلخي ، وقال في جملة ما قاله عنه : إنّ صدقة قد عظم أمره وزاد حاله وكثر إدلاله ويبسط في الدولة وحمايته كلّ من يفرّ إليه من عند السلطان وهذا لا تحتمله الملوك لأولادهم ، ولو أرسلت بعض أصحابك لملك بلاده وأمواله ، ثمّ إنّه تعدّى ذلك حتّى طعن في اعتقاده ونسبه وأهل
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٨/٢٤٨.
(٢) الكامل في التاريخ ٨/٥٤٥.