أخلافهُ ، ولقد كان بلد الحلّة في أيّامه حصناً حصيناً وحمىً من الحوادث مصوناً ، وحوزته لأنواع الخير حائزة وأصحابه بطوالع السعد فائزة ، محطّ رحل الأمل ومخطّ الخطّيّ والأسل ، وغاب الليوث وسحائب الغيوث ، وسماء النجوم ومنزل الجحاجح القروم ، وفلك الملك وملك النسك ، وسلك اللؤلؤ المنضود ومسلك الآلاء والسعود ، ومبرك البركات ومناخ الخيرات ، وصدقة أكرم به بحراً نازلاً على الفرات مبرئاً الساحة من الآفات ، وكان يلتجئ إليه الجاني العظيم الشأن على الخليفة والسلطان فلا تطرقه طوارق الحدثان ، ويقيم عمره في ظلِّه تحت رقدة أمن السرب مشتغلاً بلذّاته عن الأكل والشرب واللهو واللعب ، وكان شديد المحافظة على من يستجيره كثير الحراسة لمن يجيره ، ولم يزل معروفاً بالوفاء يُشيِّد أساسه حتّى بذل في الحفاظ والوفاء رأسه ...».
تولّيه الإمارة :
تولّى الأمير صدقة الإمارة بعد وفاة والده الأمير أبي كامل منصور بن دبيس المزيدي وذلك عام (٤٧٩ هـ). قال الشيخ يوسف كركوش في تاريخ الحلّة(١) : «أرسل إليه السلطان ملك شاه السلجوقي نقيب العلويّين أبا الغنائم يعزّيه بوفاة والده ، ثمّ سار الأمير صدقة إلى السلطان ، ولمّا حضر عنده خلع عليه وأقرّه مكان أبيه».
تأسيسه مدينة الحلّة :
قد أسلفنا القول في تأسيس مدينة الحلّة على يد الأمير سيف الدولة
__________________
(١) تاريخ الحلّة ١/١٩.