ويبسط قاصديه ويزورهم ، وكان عادلاً والرعايا معه في أمن ودعة ، وكان عفيفاً لم يتزوّج على امرأته ولا تسرّى عليها ، فما ظنّك بغير هذا! ولم يصادر أحداً من نوّابه ولا أخذهم بإساءة قديمة ، وكان أصحابه يودعون أموالهم في خزانته ويدلّون عليه إدلال الولد على الوالد ، ولم يُسمع برعية أحبّت أميرها كحبّ رعيّته له ، وكان متواضعاً محتملاً يحفظ الأشعار ويبادر إلى النادرة رحمهالله ، لقد كان من محاسن الدنيا».
وذكره السمعاني في الأنساب(١) قائلاً :
«قرأت في كتاب سرّ السرور : لمّا خلع (سر خاب) ربقة طاعة السلطان والتجأ إلى صدقة وأجاره كتب إلى السلطان ... إلى قوله : كان (صدقة) الصادق ولا تنفق عنده بضاعة المنافق حسن الخلائق للخلائق ، يهتزّ للشعراء اهتزاز الاعتزاز ويخصّ الشاعر المجيد من جوده بالاختصاص والامتياز ويؤمّنه مدّة عمره من طارق الإعواز ، يُقبِل على الشعراء ويمدّهم بحسن الإصغاء وجزيل العطاء ، لا يخيّب قصد قاصده من ذوي القصائد ويبلغ آمليه أغراضهم والمقاصد ، ولكل ذي فضيلة على طبقته في دستوره اسم بأن يطلق له من خزانته رسم ...».
وقال العماد الأصبهاني في الخريدة(٢) عند ذكر الأمير صدقة :
«ملك العرب من الطبقة الثانية ، كان جليل القدر جميل الذكر ، جزيل الوفر للوفد مُجدّاً في حراسة قانون المجد ، له دار الضيافة التي ينفق عليها الأموال الألوف ويردها ويصدر عنها الضيوف المعروف بإسداء المعروف وإغاثة الملهوف ، من دخل بلده أمن ممّا يخافه ودرَّت لرجائه بجوده
__________________
(١) الأنساب ١/٢٣.
(٢) الخريدة ٤/ق ١/١٦٣.