بالله) شرّاً فهو الخزي والعار الدائم ، وإنَّ من صنف الرجال الأوَل رجال المآثر والمفاخر صاحب الترجمة الأمير سيف الدولة صدقة ابن الأمير بهاء الدولة منصور بن نور الدولة دبيس ابن الأمير أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي الناشري الذي كان بحقٍّ أحد فلتات الدهر نُبلا وشهامة ، شجاعاً غيوراً مهاباً وقوراً ، مع أخلاق كريمة وسجايا فاضلة ، لم يزل طوال حياته ملجأ كلّ خائف ومطرود وغوثاً لكلّ ملهوف ، تناول المؤرّخون سيرته وبعض أحواله واثنوا عليه ثناءاً جميلاً يدلّ على علوّ منزلته ورفعة شأنه وحبّ رعيّته والناس له. ولابدَّ لنا هنا أن نتطرّق لذكر بعض أحواله وتأسيسه لمدينة الحلّة الفيحاء.
قال عنه ابن الجوزي في المنتظم(١) :
«صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد أبو الحسن الأسدي الملقّب بسيف الدولة ، كان كريماً ذا ذمام ، عفيفاً من الزنا والفواحش ، كأنّ عليه رقيباً من الصيانة ، ولم يتزوّج على زوجته قطّ ولا تسرّى ، وقيل : إنّه لم يشرب مسكراً ولا سمع غناءً ولا قصد التسوّق في طعام ولا صادر أحداً من أصحابه ، وكان تاريخ العرب والأماجد كرماً ووفاءً ، وكانت داره ببغداد حرم الخائفين».
وذكره ابن الأثير في تاريخه(٢) قائلاً :
«... وكان له من الكتب المنسوبة الخطّ شيء كثير ألوف مجلّدات ، وكان يحسن أن يقرأ ولا يكتب ، وكان جواداً حليماً صدوقاً كثير البرّ والإحسان ، ما برح ملجأ لكلّ ملهوف ، يلقى من يقصده بالبرّ والتفضّل ،
__________________
(١) المنتظم ٩/١٥٩.
(٢) الكامل في التاريخ ٨/٢٤٥ ، احداث عام ٥٠١ هـ.