المؤمنين عليهالسلامعند وروده إلى صفّين وقد وقف على تلّ يقال له : (تلّ عرير) ثمّ أومى إلى أجمة ما بين بابل والتلّ وقال : مدينة وأي مدينة! فقلت له : يا مولاي أراك تذكر مدينة أكان هاهنا مدينة وانمحت آثارها؟ فقال : لا ، ولكن ستكون مدينة يقال لها : الحلّة السيفية ، يمدّنها رجل من بني أسد ، يظهر بها قوم أخيار لو أقسم أحدهم على الله لأبرَّ قسمهُ».
الإمارة المزيدية في الحلّة :
إنّ الحديث عن الإمارة المزيدية وأمرائها من آل مزيد الأسدي مؤسّسي الحلّة السيفية (الحلّة الحاضرة) هو الحديث عن رجال شجعان بواسل تمتّعوا بخصال حميدة وصفات مجيدة من كرم وجود وسخاء ونبل وشهامة وإغاثة للملهوف وإجارة للخائف وعلم وأدب ورعاية وعناية بالعلم والعلماء ونشر للعدل والأمان بين الرعية ، حتّى أصبحت الحلّة في عهدهم من أفضل البلدان وأفخرها في العالم الإسلامي ، ويحدّثنا المؤرّخون أنّ أوّل أمرائهم هو :
١ ـ الأمير أبو الحسن علي بن مزيد الأسدي :
جاء في تاريخ الحلّة(١) : «كان الأمير أبو الحسن علي بن مزيد رجلاً باسلاً جواداً قويّ الشكيمة عالي الهمّة كبير النفس ، له منزلة في نفوس كبراء الدولة العباسية والبويهية ، وهو أوّل من حاز لقب الإمارة من الأسرة المزيدية ، وقد خاض حروباً كثيرة مع بني عفيف المزيدي أبناء عمومتهم ، منها سنة (٤٠١ هـ) وسنة (٤٠٥ هـ) في الجزيرة الدبيسية والحويزة ، إلى أن قرّر الرحيل عنها إلى ناحية النيل من أرض بابل ... إلى قوله : لمّا ارتحل
__________________
(١) تاريخ الحلّة ١/١٤.