بالكتاب المنزل ، وصدق النّبيّ المرسل.
الجاثليق : بما علمت صدق نبيّك؟
بالآيات الباهرات ، والمعجزات البيّنات.
الجاثليق : هذا طريق الحجّة لمن أراد الاحتجاج ، اخبرني عن الله تعالى أين هو اليوم؟
إنّ الله تعالى يجلّ عن الأين ، ويتعالى عن المكان ، كان فيما لم يزل ، ولا مكان وهو اليوم على ذلك ، لم يتغيّر من حال إلى حال.
الجاثليق : أحسنت أيّها العالم وأوجزت في الجواب ، أخبرني عن الله تعالى أمدرك بالحواس عندك ، فيسلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس؟ أم كيف طريق المعرفة به إن لم يكن الأمر كذلك؟
تعالى الملك الجبّار أن يوصف بمقدار أو تدركه الحواس ، أو يقاس بالنّاس ، والطّريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول الدّالّة ذوي الاعتبار بما هو منها مشهود ومعقول.
الجاثليق : صدقت هذا والله هو الحقّ الذي ضلّ عنه التائهون في الجهالات ، اخبرني عمّا قاله نبيكم في المسيح ، وانه مخلوق من أين أثبت له الخلق ، ونفي عنه الإلهيّة؟
اثبت له الخلق بالتّقدير الّذي لزمه ، والتّصوير والتّغيّر من حال إلى حال ، والزّيادة الّتي لم ينفكّ عنها والنّقصان ، ولم أنف عنه النّبوّة ، ولا أخرجته من العصمة والكمال ، وقد جاءنا عن الله تعالى بأنّه مثل آدم خلقه من تراب ثمّ قال له : كن فيكون.
وجرت بعد ذلك احتجاجات بين الجاثليق والإمام ، فبهر الجاثليق من علوم