« وإنّك لذهّاب في التّيه (١) ، روّاغ عن القصد ، ألا ترى ـ غير مخبر لك ».
تحدث الإمام عليهالسلام بهذه الكلمات عن نفسية معاوية ، وانه لذهاب في التّيه أي الضلال ، فقد كان من عناصره ومقوماته ، كما كان رواغا عن القصد أي الاعتدال ، فلم يستقم إلاّ على الباطل.
وأضاف الإمام قائلا :
« ولكن بنعمة الله احدّث ـ أنّ قوما استشهدوا في سبيل الله تعالى من المهاجرين والأنصار ، ولكلّ فضل حتّى إذا استشهد شهيدنا قيل سيّد الشّهداء ، وخصّه رسول الله صلىاللهعليهوآله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه! أولا ترى أنّ قوما قطّعت أيديهم في سبيل الله ولكلّ فضل حتّى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم ، قيل الطّيّار في الجنّة وذو الجناحين! ولو لا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه ، لذكر ذاكر فضائل جمّة تعرفها قلوب المؤمنين ، ولا تمجّها آذان السّامعين.
فدع عنك من مالت به الرّميّة ، فإنّا صنائع ربّنا ، والنّاس بعد صنائع لنا (٢) لم يمنعنا قديم عزّنا ولا عاديّ طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا ؛ فنكحنا وأنكحنا ، فعل الأكفاء ، ولستم هناك! وأنّى يكون ذلك كذلك ومنّا النّبيّ ومنكم المكذّب ـ وهو أبو جهل.
__________________
(١) التيه : الضلال.
(٢) لعلّ المراد من قوله عليهالسلام : « فإنّا صنائع ربّنا ، والنّاس بعد صنائع لنا » أنّ الله خصّهم بالهداية فبعث منهم رسوله العظيم ، وهو وأهل بيته مصادر الهداية والرشاد للخلق ، فهم بهذا صنائع الله لأنهم خصهم بالنبوة ، والناس صنائع لهم لأنّ هدايتهم كانت بسببهم.