تقف أمام السر المغيب كما وقف الإنسان الأول ، تدرك الوظيفة والمظهر ، وتجهل المصدر والجوهر ، والحياة ماضية في طريقها. والمعجزة تقع في كل لحظة!!!
ومنذ البدء أخرج الله الحي من الميت. فقد كان هذا الكون ـ أو على الأقل كانت هذه الأرض ـ ولم يكن هناك حياة .. ثم كانت الحياة .. أخرجها الله من الموات .. كيف؟ لا ندري! وهي منذ ذلك الحين تخرج من الميت ؛ فتتحول الذرات الميتة في كل لحظة ـ عن طريق الأحياء ـ إلى مواد عضوية حية تدخل في كيان الأجسام الحية ؛ وتتحول ـ وأصلها ذرات ميتة ـ إلى خلايا حية .. والعكس كذلك .. ففي كل لحظة تتحول خلايا حية إلى ذرات ميتة ؛ إلى أن يتحول الكائن الحي كله ذات يوم إلى ذرات ميتة!
(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ، وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) ..
ولا يقدر إلا الله أن يصنع ذلك .. لا يقدر إلا الله أن ينشىء الحياة منذ البدء من الموات. ولا يقدر إلا الله أن يجهز الكائن الحي بالقدرة على إحالة الذرات الميتة إلى خلايا حية. ولا يقدر إلا الله على تحويل الخلايا الحية مرة أخرى إلى ذرات ميتة .. في دورة لم يعلم أحد يقينا بعد متى بدأت ، ولا كيف تتم .. وإن هي إلا فروض ونظريات واحتمالات!!!
لقد عجزت كل محاولة لمتفسير ظاهرة الحياة ، على غير أساس أنها من خلق الله .. ومنذ أن شرد الناس من الكنيسة في أوربا .. (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ!) .. وهم يحاولون تفسير نشأة الكون وتفسير نشأة الحياة ، بدون التجاء إلى الاعتراف بوجود الله .. ولكن هذه المحاولات كلها فشلت جميعا .. ولم تبق منها في القرن العشرين إلا مماحكات تدل على العناد ، ولا تدل على الإخلاص!
وأقوال بعض «علمائهم» الذين عجزوا عن تفسير وجود الحياة إلا بالاعتراف بالله ، تصور حقيقة موقف «علمهم» نفسه من هذه القضية. ونحن نسوقها لمن لا يزالون عندنا يقتاتون على فتات القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من موائد الأوربيين ، عازفين عن هذا الدين ، لأنه يثبت «الغيب» وهم «علميون!» لا «غيبيون»! ..
ونختار لهم هؤلاء العلماء من «أمريكا»!!!
يقول «فرانك أللن». (ماجستير ودكتوراه من جامعة كورنل وأستاذ الطبيعة الحيوية بجامعة مانيتوبا بكندا) في مقال : نشأة العالم هل هو مصادفة أو قصد؟ من كتاب : «الله يتجلى في عصر العلم» .. ترجمة الدكتور : الدمرداش عبد المجيد سرحان.
.. «فإذا لم تكن الحياة قد نشأت بحكمة وتصميم سابق ، فلا بد أن تكون قد نشأت عن طريق المصادفة فما هي تلك المصادفة إذن حتى نتدبرها ونرى كيف تخلق الحياة؟
«إن نظريات المصادفة والاحتمال لها الآن من الأسس الرياضية السليمة ما يجعلها تطبق على نطاق واسع حيثما انعدم الحكم الصحيح المطلق. وتضع هذه النظريات أمامنا الحكم الأقرب إلى الصواب ـ مع تقدير احتمال الخطأ في هذا الحكم ـ ولقد تقدمت دراسة نظرية المصادفة والاحتمال من الوجهة الرياضية تقدما كبيرا ، حتى أصبحنا قادرين على التنبؤ بحدوث بعض الظواهر ، التي نقول : إنها تحدث بالمصادفة ، والتي لا نستطيع أن نفسر ظهورها بطريقة أخرى (مثل قذف الزهر في لعبة النرد). وقد صرنا بفضل تقدم هذه الدراسات