المعلول بدون العلة فيكون اقرارا بمعلولية المدل ليكون تناقضا.
ويكون حاصل دفع الدور أن الدلالة موقوفة على المدلول وهو ليس موقوفا على الدلالة وليست مصححة لتحققه ومحققة لوجوده ، بل غاية الأمر وقصواه ان المدلول والدلالة لا ينفكان ولا يتحقق احدهما في الخارج بدون الآخر ، وليس هذا ملازما لكون المدلول معلولا للدلالة وموقوفا عليها ، ضرورة ان كل علة لا تنفك وجودا عن معلولها ومع ذلك لا تكون معلولا لمعلولها.
والذي الهمني ربي وافاض على قلبي في دفع الدور هو أن الدلالة ليست موقوفة على المعنى الذي انشأه المنشئ في عالم نفسه وصقع قلبه من الارادة من المكلف او الالزام منه كما زعمه المصنف على ما سيصرح به من وضع الأمر بإزاء ذلك المعنى ، ضرورة انه ليس في عالم النفس وموطن القلب للطلب حقيقة. نعم تتحقق الارادة والكراهة اللتان من الكيفيات النفسانية وليستا من سنخ الطلب كما اوضحناه وفصلناه في بيان الفرق بين الطلب والارادة ، ويتحقق ايضا تصور الصيغة والمعنى الذى يحصل به وينشئه. كيف ولو كان المدلول معنى قائما بالنفس ينشأ فيها لا تكون الصيغة إنشاء بل تكون حكاية عما في النفس «هف».
فظهر ان المراد بالمدلول هنا هو المعنى الذي لا يكون موجودا في وعاء من اوعية الواقع لا في وعاء الخارج وعالم اللفظ ليس إلا ، ولكن لما كان هذا المعنى متأخرا في الخارج عن اللفظ ودلالته لأنه منشأ به والمدلول لا بد وان يكون متقدما على الدلالة ، ضرورة لزوم تقدم المعنى الموضوع له على الوضع والدلالة المترتبة ، اذ العارض لا بد وان يتأخر عن المعروض والمعروض لا بد وان يتقدم على العارض ، فلا جرم نقول : المتقدم على الدلالة هو الوجود المقدر للمدلول كما هو الملاك في موضوع