ولو أغمضنا عن ذلك كله فنقول : من الواضح الذي لا ينبغي أن يخفى على أوائل العقول إن الكلى الطبيعي لا يتحقق إلا بالأفراد ، والفرد هو الواسطة في عروض التحقق والوجود له ولا في الثبوت كما أشرنا اليه ، فاذا كان حال الكلي الطبيعي بعد تحقق الفرد هذا الحال بحيث يصح سلب التحقق عنه فكيف لو لم يكن شىء في البين وكان الكلي الطبيعي الطبيعي الجنسي ، كما فيما نحن فيه حيث ان طلب الفعل جنسي طبيعي للوجوب والندب وهما نوعان له ولا يكفيان في وجود الجنس في الخارج ، بل يحتاج ذلك الجنس الطبيعي بعد تفصيله بذينك الفصلين والتحصل النوعي الى عوارض مشخصة. فظهر استحالة وجود الطلب الذي هو قدر مشترك بين الوجوب والندب في وعاء تحققه ووعاء وجوده ـ وهو الخارج ـ بدون الضمائم واللواحق من الفصول والعوارض. وهذا ظاهر لا سترة عليه.
ولو تنزلنا واغمضنا عن ذلك كله وسلمنا ان وعاء الطلب هو المشهد الذهني والموطن النفسي فنقول : لا ينبغي أن يختلط عليك الأمر وتقول : لا ريب في ان النفس تنال الأجناس وإن كانت أجناسا عالية قاصية بلا نيل شيء من الفصول واللواحق ، فيجوز أن ينشئ النفس الطلب المشترك بلا إنشاء شيء آخر.
لأنا نقول : فرق بين إدراكات النفس وإيجاداتها ، ومعلوم انها في مقام الإدراك لها نيل كل شىء على حده ويحلل شيئا واحدا الى أمور عديدة ويدرك كل واحد على حده ، وهذا بخلاف إيجاداتها وانشاءاتها وإن كانت في موطنها ومشهدها ، فيكون حالها حال الموجد الخارجي ، إذ النفس من الموجدات الخارجية ، والموجود بايجاد الأمر الخارجي ليس إلا خارجيا.
وهذا الذي ذكرناه وإن كان من الواضحات عند أهله المرتاضين