متحققا بتحقق منشأ انتزاعه لا بتحقق آخر ، وهذا حاصل في الوجوب والامكان.
وأنت خبير بما فيه ، إذ المعاني الاعتبارية إن لم تكن متقابلة لم يوجب تعددها تعدد منشأ انتزاعها ، وأما اذا كانت متقابلة متناقضة ـ كما في الوجوب والامكان حيث أن الوجوب ضرورة الوجود والامكان لا ضرورته ـ فبينهما تناقض فكيف يكون منشأ انتزاعهما واحدا وإلا لزم اجتماع النقيضين واذا كان منشأ انتزاعهما متعددا فرارا عن لزوم اجتماع النقيضين جاء الاشتراك اللفظى ، مضافا الى انه يلزم مما ذكره من كون الوجوب اعتباريا أن يكون وجوب الواجب عزّ اسمه اعتباريا من غير أن يكون له مصداق عيني ، وهذا مما لا يمكن أن يلتزم به ، بل هو ـ جل مجده ـ حقيقة الوجوب ومصداقه العيني ، فاذا فرضنا تلك الصفة التي هي مسماة بالموجود عين حقيقة الوجوب ومصداقه فكيف يمكن أن يكون عين الممكن وامكانه ، فلا يكون امرا واحدا.
فالحق في الجواب عن الدليل هو ما اشرنا اليه آنفا ، وهو أن المسمى بالموجود هو الوجود بالحقيقة ، وهو لما كان امرا واحدا حقيقيا حق الوحدة وكليا سعيا له مراتب مشكلة ضعيفة وشديدة فنسلم تعدده المرتبي وتكثره الطولي ، ومع ذلك نقول : هذه الكثرة وذاك التعدد صحح بهما اجتماع النقيضين ، اذ النقيضان لم يجتمعا في مرتبة واحدة بل اجتمعا في حقيقة فاردة ، ولا يضر ذلك التعدد والتكثر بالاشتراك المعنوي ، اذ ما به الامتياز والافتراق في الوجود عين ما به الامتياز والاتفاق ، ولم يتخلل ما هو من غير سنخه في البين اصلا.
ولا يحتاج في الجواب الى المبالغة في كون الوجوب والامكان اعتباريين