قوله «قده» : والفرق بين هذا الوجه ـ الخ.
لا شبهة انه في السابق ايضا يتحقق المجاز العقلي ، لأنه بعد التأويل بتنزيل الربيع منزلة الموجد الحقيقي وتشبيهه به أيضا لا يكون الإنبات بمعنى الايجاد والجعل والافاضة حكما للربيع واثرا له ومسندا اليه فيكون مجازا عقليا ، كما انه في هذا الوجه بعد ادعاء كون الربيع فاعلا حقيقيا للانبات وتشبيهه به تصحيحا للاسناد يتحقق التأويل في الربيع أيضا ، ففي الوجهين يتحقق التأويل في الربيع مع تحقق المجاز العقلي ، فلا يكون بينهما فرق أصلا.
اللهم إلّا أن يفرق بينهما بأن المادة لما كانت علة ناقصة للهيئة والهيئة معلولة لها فلا جرم اذا اعتبر أمر في العلة فلا محالة معتبر في معلولها ، ضرورة أن المعلول جاء من قبل العلة وتابع له في جميع الامور الواقعية والاعتبارية ، بخلاف العلة حيث انها غير جائية من ناحية المعلول ولا تابعة له فلا يكون الاعتباريات والواقعيات لها ثابتة له ، ففي السابق ـ وان استلزم التأويل في الربيع الادعاء والتأويل للاسناد ـ إلا أن في هذا الوجه التأويل والادعاء انما يكون لتصحيح الاسناد ولا يتسرى منه الى المسند اليه ـ وهو الربيع.
ولكن في هذا الفرق ما لا يخفى ، لأن العلية ليست بصدور مباين عن مباين ، وإلّا لزم أن يكون شيء علة لكل شيء بل هي من السنخية والمناسبة في الحقيقة ، فالعلة مسانخة لمعلولها والمعلول مسانخ لعلته ، غاية الأمر وقصواه أن العلة لا بد وأن تكون اقوى وآكد والمعلول أضعف ، فكل حكم واثر من الاعتباريات والواقعيات ثبت للعلة فهو ثابت للمعلول وبالعكس ، إلّا أن يكون شيء ثابتا للعلة بما هي قوية وللمعلول بما هو ضعيف ، وحينئذ