المجاز فيصير محمولا موضوعا بالتبع وبالعرض.
وهذا نظير جعل لوازم الماهيات والوجودات حيث انه تبع لجعل ملزوماتها كما في الزوجية حيث انها مجعولة بجعل الأربعة ، وكما في المهيات حيث انها مجعولة بعين جعل الوجودات ، بناء على مذهبنا من أصالة الوجود جعلا وتحققا.
اذا تحقق هذا فنقول : أما كون جواز المجاز طبعيا ـ بمعنى كون طباع المستعملين مقتضيا للجواز والرخصة مع قطع النظر عن كل اصطلاح ومواضعة كما هو ظاهر كلامه «قده» بل نصه وصريحه كما سيأتي منه في آخر الفصل ـ فهو باطل عندنا ، لأن المراد بالطبع إما أن يكون هو الطبيعة العديمة الشعور العادمة الدرك المشترك فيها جميع أرباب اللغات ، وإما أن يكون هو الطبيعة المسخرة للنفس الصادرة منها أفاعيلها بالمشيئة والإرادة :
أما الأول فلا ريب في بطلانه ، ضرورة أن هذا الجواز ليس من الأفعال الطبعية ، مع انه لو كان منها لاستوى فيه جميع أرباب اللغات ، وهو «قده» أذعن ببطلان التالي وفساد اللازم ، وأنه رب مجاز يكون في لغة حسنا وفي لغة اخرى قبيحا.
وأما الثاني فهو أيضا باطل ، لأن هذا الجواز بناء عليه يكون صادرا من النفس عن مشية وإرادة ، فيكون وضعيا لا طبعيا. هذا خلف ، مضافا الى انه إما أن يكون صدوره عن المستعمل بعنوان أنه تبع للواضع وينزل نفسه منزلة نفسه واستعماله استعماله ووضعه وضعه ، وإما لا يكون ، فعلى الثاني يكون لغة اخرى وحقيقة هذا أيضا خلف ، وعلى الأول فنقول :
إن الذي ثبت من حال الواضع الاصلي هو رضاه بوضع الالفاظ من قبله وتوسيع دائرة لغته فيما اذا حدث معنى من المعاني لم يضع الواضع