فلا محالة يكون بمنزلة الجنس ، مضافا الى انه لا يعقل أن يكون شيء واحد صنفا ويكون نوعا ، فكيف يصح كون التصور والتصديق صنفين ، ويكون هذان الصنفان نوعا بالنسبة الى العلوم والإدراك ، إذ ما لم تصل الأنواع المتسافلة الى النوع السافل لم يتصف ، وبعد ما صار نوعا سافلا ليس وراؤه نوع وصنف ، فلو فرض كون ذلك الصنف نوعا ايضا لزم الخلف ، إذ ما فرض كونه نوعا سافلا كان النوع السافل غيره.
ويحتمل ـ على بعد ـ ان يكون الضمير في قوله «لأنها حينئذ نوع» الى الإدراك والتصديق ، فيرتبط التعليل بالمعلل ، ويكون الحاصل ان الإدراك والتصديق نوع بالنسبة الى العلوم والإدراكات ، فيكون العلم ـ سواء كان بمعنى التصديق أو الإدراك ـ بمنزلة الجنس ، لأنهما نوع.
وهذا الاحتمال وإن كان ملائما مع قوله «أو بالإدراك» إن جعلنا التصور والتصديق من أصنافه ، حيث انه لو جعل التصور والتصديق نوعا من الإدراك لم يكن الإدراك بمنزلة الجنس وان كان نوعا ، لأنه يكون نوعا عاليا اندرج تحته نوعان وهما التصور والتصديق.
ومن المعلوم أن النوع العالي يكون جنسا بالنسبة الى ما تحته إلا أنه لا يلائم قوله «إن فسر بالتصديق مطلقا» ، إذ المراد من الإطلاق ـ بقرينة المقابلة ـ هو التعميم بالنسبة الى جعل التصديق نوعا من الإدراك أو صنفا منه.
ولا يخفى أن التعليل بكون التصديق نوعا لا يناسب التعميم الى كونه صنفا كما لا يخفى ، إلا أن يكون المراد بالإطلاق هو عدم التفصيل لا التعميم ـ فافهم.