والسخونة للماء مع اتصافها ايضا بالحرارة ، وكواسطة الشمس لسواد وجه القصار والبارزين لها مع عدم اتصافها بالسواد. وبالثاني ان تكون الواسطة واسطة في عروض ما فيه الوساطة لذي الواسطة ، بحيث يصلح سلب ما فيه الواسطة عن ذي الواسطة ، كالسفينة حيث انها واسطة في عروض الحركة لجالسها ويصلح سلب الحركة عنه.
وبعبارة اخرى : الفرق بين ما فيه الواسطة في الواسطتين هو الفرق بين الوصف بحال الشىء والوصف بحال متعلق الشىء ، اذ لا ريب في ان في الأول السخونة وصف للماء والسواد وصف لوجه القصار ، بخلاف الثاني حيث أن الحركة ليست وصفا لجالس السفينة بل وصف لها كما هو واضح.
فاذا تقرر ما ذكرنا فنقول : لا ريب فى أن المراد بالتعلق في قولهم «ما يتعلق بالعمل أو بكيفيته» هو تعلق المسائل والمحمولات بموضوعاتها ، ولا يصح أن يراد بالواسطة المنفية هي الواسطة في الثبوت مقابل الواسطة في الاثبات ، اذ لا ريب في أن الأحكام الفرعية من الممكنات بالذات وليست بواجبة الوجود بالذات. ومن الواضح أن الممكن لا بد في وجوده من مرجح فاعلى ومرجح غائي تمامى ، اذ الممكن في حد ذاته وحريم نفسه يتساوى فيه الوجود والعدم وليس فيه ضرورة احد الطرفين ، فاذا كان كذلك فلا بد له من سبب فاعلي يخرجه عن السواسية واستواء الجانبين ولا ضرورة الطرفين حتى يصير موجودا.
ومن البديهي أن المتساويين ما لم يترجح أحدهما بمنفصل لم يقع. ومن الواضح أيضا أن الفاعل له تساو مع الطرفين ، وكذا إرادته يجوز أن تتعلق بالوجود أو بالعدم ، فاذا لم يكن للفاعل ما يخرجه عن السواسية فيستحيل خروجها عنه ، فيمتنع وجود الفعل مثلا.