وقد علق ـ دام ظله ـ هذه التعليقة الشريفة على الفصول ، التي وقفت دون مشكلاتها أذهان جملة من الفحول ، ولم يتهيأ لجل المحصلين الى تحصيل اكثر مطالبها الوصول ، وكانت احوج كتاب الى حاشية تكشف عن وجوه مخدراته النقاب ، وتعليقة ترفع عن محاسن غامضاته الحجاب ، لإحكام مبانية ودقة معانيه ، وابتناء جملة من مطالبه على علم عزيز الحصول ، ومن جهل الأكثر به وقصور جم عن نيله عاد بينهم مطروحا في زوايا الخمول
ولكن لا غرو في ذلك عليه ، فان نسبتهم اليه كضراء الحسناء قلن لوجهها حسدا وبغيا «انه لذميم» ، وهو ـ دام ظله ـ رباني تلك العلوم ، وفرداني هاتيك المعالم والرسوم ، عمادها بل عميدها ، وواحدها بل وحيدها.
ولما لم يتفق الى الآن من يعطي هذا الكتاب حقه ، ولا يتيسر لأوحدي من الناس من يجمع رتقه وفتقه انتدب ذلك الجناب بهمة تسهل عندها الصعاب ، فحل رموزه وفتح كنوزه ، وسهل مصادره وموارده ، واستخرج ذخائره وفوائده ، وأبان الحق له وعليه ، وتصدى لنصول المعارضة والإيرادات فدفعها عنه بكلتي يديه.
وكان اشتغاله بتحبير ذلك التحرير المروزي بتطريز نسايج الحرير أيام تدريسه ذلك الكتاب على حوزة من أفاضل الطلاب في المدرسة الفتحية المشرفة بجوار صحن الروضة الحيدرية ـ على مشرفها آلاف الثناء والتحية ـ فجاءت بحمد الله تعالى وحسن توفيقه بأحسن مما كانت ترتجيه الآمال ، وفوق ما كان نفوس الطلاب تطلبه بلسان الحال والمقال ، ينتفع ويرتفع بها المنتهى والمبتدي ، ويغترف ويقتطف من بحارها وأزهارها المجتني والمجتدي
فحق لذي الطبائع السليمة والمطابع لو طبعتها بسواد إنسان العيون على الأبصار والمسامع ، وقل لمبتغي الدقائق وطلاب الحقائق لو اتخذوا مراجعتها ورودا ، وصيروها روضة يستشفون من مضامينها رياضيا وورودا