«الى مطلوب خبري» ومن الواضح انه لا يمكن أن يكون المطلوب مجعولا مطلقا وإلّا لزم طلب المجهول المطلق وهو محال. والأمثلة الجزئية لا تصلح أن تكون معولا عليها في الأحكام الكلية العقلية ، اذ الجزئي لا يكون كاسبا ولا مكتسبا ولا يحيط أحد بجهات الجزئيات.
وبيان هذا موقوف على بيان المراد بكيفية معلومية المطلوب على وجه الاجمال ، وهو انه لا ريب فى انه لا بد في الدليل من كونه بديهيا بالذات أو منتهيا الى البديهي. ومن المعلوم ان المطلوب والنتيجة إن كان معلوما في القياس والدليل على وجه التفصيل لم يحتج الى الدليل ، وان كان مجهولا مطلقا في الدليل ـ بأن لم يكن في الدليل علم بالمطلوب أصلا ـ فكيف يعقل أن يحصل منه العلم بالمطلوب؟ وهل يحصل العلم من الجهل أو من العلم بشيء فلا بد وأن يكون معلوما على وجه الإجمال.
مثلا : في قولنا «العالم متغير وكل متغير حادث» العالم وان لم يعلم كونه حادثا بعنوان العالم لأن الصغرى متكفلة لبيان تغير العالم والكبرى متضمنة لبيان حدوث المتغير فالنتيجة لم تعلم في الدليل تفصيلا ـ إلّا أن عنوان المتغير يشمل كل متغير حتى العالم على وجه الإجمال ، أعني بعنوان واحد إجمالي. ولما كانت المقدمتان الصغرى والكبرى مقدمتين على النتيجة فلا جرم يكون المطلوب ـ أعني العالم الحادث ـ معلوما قبل النتيجة لكون الكبرى ـ وهي كل متغير حادث ـ معلومة قبل النتيجة ، ويكون معلومية حدوث المتغير عين معلومية حدوث العالم ، لكن لا بعنوانه الخاص بل بعنوان المتغير الذي هو عنوان اجمالي. والحاصل ان النتيجة كانت معلومة قبل القياس والدليل على وجه التكرير والاندماج والإجمال ثم بعده تصير معلومة على وجه التفصيل والانشراح.
وبهذا البيان الواضح والتبيان اللائح يدفع الدور المحال المورد على الشكل