ليس أمرا وراء العلم في الخبر والارادة في الامر والكراهة في النهي.
وأما بيت الشاعر فإما لاعتقاده ثبوت كلام نفسي تقليدا ، وإما لأن المقصود الأصلي من الكلام هو الدلالة على ما في الضمائر ، وبهذا الاعتبار يسمى كلاما ، فأطلق اسم الدال على المدلول وحصره تنبيها على انه آلة يتوصل بها اليه ، فكأنه هو المستحق لاسم تلك الآلة.
والأشاعرة يدعون أن نسبة أحد طرفي الخبر الى الآخر قائمة بنفس المتكلم ومغايرة للعلم ، لأن المتكلم لا يخبر عما لا يعلمه بل يعلم خلافه أو يشك فيه ، وإن المعنى النفسي الذي هو الأمر غير الارادة ، لأنه قد يأمر الرجل لما لا يريده ، كالمختبر لعبده هل يطيعه أم لا وكالمعتذر عن ضرب عبده بعصيانه ، فانه قد يأمره وهو يريد أن لا يفعل المأمور به ليظهر عذره عند من يلومه واعترض عليه بأن الموجود في هاتين الصورتين صيغة الأمر لا حقيقته ، إذ لا طلب فيهما أصلا كما لا ارادة قط.
ومثل ذلك يمكن أن يقال في النهي استدلالا واعتراضا ، فيقال : المعنى النفسى الذي في النهي هو غير الكراهة ، لأنه قد ينهى الرجل عما لا يكرهه بل يريده في صورتي الاختبار والاعتذار.
ويعترض بأنه ليس هناك حقيقة النهي بل صيغته فقط. أقول : المعنى النفسي الذي يدعون انه قائم بنفس المتكلم ومغاير للعلم فى صورة الاخبار عما لا يعلمه هو إدراك مدلول الخبر ، اعني حصوله في الذهن مطلقا ـ انتهت عبارته.
وقال العضدي تبعا للحاجبي : والكلام النفسي نسبة بين مفردين قائمة بالمتكلم : أما تصور النسبة وكون الكلام النفسي نسبة فضروري ، وأما انها النسبة القائمة بالنفس فلأنها لو لم تقم به لكانت هي الخارجة ، واللازم منتف. واما الملازمة فإذن لا مخرج عنهما ، فان الثابت ثابت اما في