قوله «قده» : لا جرم ننتقل بالعلم بأحد الامرين ـ الخ.
قال بعض المعاصرين «قده» في بدائعه موردا عليه : لا يخفى أن قضيته الاعتراف باستفادة جزء المعنى من جزء اللفظ ، لأن اشتراك الصيغ متعددة اذا كان فى جهة واحدة جامعة بينها ، لا جرم يستند الانتقال الى جزء المعنى المشترك فيه الى تلك الجهة الجامعة التى هي جزء اللفظ لا الى مجموع اللفظ ، فكيف لا يكون ذلك من باب فهم جزء المعنى من جزء اللفظ ـ انتهى.
وفيه : انه لا اعتراف بما انكره ولا مناقضة لما قاله ، لأن ما انكره هو الانتقال الوضعي الى جزء المعنى من جزء اللفظ ، وما اثبته واذ عن به هو الانتقال العقلي والدلالة العقلية ، لأن العقل اذا رأى هيئة واحدة مشتركة بين مواد مختلفة يحكم بأن معنى تلك الهيئة واحدة وان لم يعرف معنى تلك الهيئة أصلا ولا وضعها ، وكذلك إذا رأى مادة واحدة مشتركة بين هيئات متخالفة يحكم بأن معنى تلك المادة واحد وان لم يعرف ذلك المعنى ولا الوضع له ، وذلك الحكم لعلمه بأن حكم الامثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد ، ولذا اذا رأى العقل امرا مشتركا بين اشياء متخالفة وان لم تكن من سنخ الالفاظ ومعانيها يحكم باتحاد ذلك المشترك المتحقق في الاشياء المتخالفة حكما ، فينتقل اليه وليس انتقالا دلاليا وضعيا كما هو واضح.
وبالجملة المعاصر خلط بين الدلالة العقلية والدلالة الوضعية وبين الانتقال باللفظ والانتقال من اللفظ ، وكلام المصنف صريح فيما ذكرنا حيث قال «لا جرم ننتقل بالعلم بأحد الامرين» ولم يقل من احد الأمر ـ فافهم.