فظهر ما في قوله قدسسره : «ولذا لو لم يذكر القرينة لم يكن دلالة على المعنى رأسا» وكذا ما في قوله «لأن الواضع إن جعل لفظا علامة لمعنى كان اللفظ بنفسه دالا على المعنى» ، لأن الملازمة في القضية الشرطية الثانية ـ وان كانت حقة بالنسبة الى الدلالة القوية المأخوذة فى حد الوضع ـ إلّا أن فساد التالي وبطلانه ممنوع ، لأن الذي يمكن أن يكون وجها لبطلان التالي وفساده هو انتفاء الفرق بين الحقيقة والمجاز ، وهو ممنوع بعد ما جعل الشرط ـ وهو القرينة ـ شرطا للتأثير الفعلى ، إذ يصير الفرق أن المجاز يحتاج في تأثير وضعه للدلالة وصيرورتها دلالة فعلية الى القرينة ولا يحتاج الحقيقة الى شىء سوى الوضع والاستعمال ولا تحتاج الى القرينة.
وأما الوجه الذي صوّبه واستحسنه فلا يخفى ما فيه ، لأن المعنى المجازي للفظ الأسد لا ريب فى انه الرجل لا الرجل الشجاع بالوصف العنواني ، ضرورة أن الشجاعة علقة مصححة للتجوز لا مأخوذة فى المستعمل فيه ، كما انه اذا قيل «جرى الميزاب» لم يرد بالميزاب الماء الحال مع الوصف العنواني ، بأن يكون المراد جرى الماء الحال في الميزاب ، بل المراد جرى الميزاب وانما الحلول علقة مصححة للتجوز ، وهذا ظاهر ، فالمجاز ـ وهو لفظ الأسد ـ دال على تمام المعنى المجازي ـ وهو الرجل ـ لكن لا بذاته بل بالواسطة العروضية كما اشرنا اليه آنفا ، لا انه دال على جزء المعنى المجازي كما زعمه المعاصر.
ثم مع الغض عن ذلك نقول : ان اراد الاستعمال في الملزوم لينتقل الى اللازم ـ وهو الشجاعة ـ كان استعمالا حقيقيا لا مجازيا ، وان اراد الاستعمال في اللازم فاللازم ليس إلّا الشجاعة لا الشجاع ، فيصير المعنى