ثم يكون الوضع للدلالة ثانيا ، فيكون الوضع واسطة لكون التعيين للدلالة
والفرق بين هذا الوجه والوجه السابق ظاهر ، إذ مناط الخروج في هذا الوجه كون الظاهر من التعيين للدلالة التعيين لها بلا واسطة ، ومناطه على الوجه الاول كون المراد من الدلالة الدلالة القوية. وكيف كان خرج بتقييد التعيين بالدلالة التعيين للوضع والتعيين للاستعمال.
ولقد أغرب وابدع بعض المعاصرين «قده» في بدائعه حيث تنظر في هذا وزعم خروجهما بقيد التعيين. قال : لأن المحدود فرد من افراد الوضع بمعنى جعل الشيء علامة ، ويعتبر فيه كون الغرض من التعيين تأسيس قاعدة نافعة في علم أو عمل ، واحراز هذا الشرط مفروغ عنه فى المحدود ، فيستغنى فى اخراجها من التوصل الى زيادة قيد في التعريف لأن التعريف إذا كان للفرد فذكر شروط الكلي فى التعريف حينئذ كالمستدرك اذا كان مفهوم الكلي أو فردية المحدود له معلومين ، ونحن لما علمنا أن الوضع الاصطلاحي فرد من الوضع ـ بمعنى جعل الشىء علامة له ـ علمنا بأن المراد بالتعيين المذكور في تعريفه الذي هو بمنزلة الجنس ليس مطلق التعيين بل التعيين الراجع الى التوسيم ، فلا حاجة في إخراج ما ليس كذلك كالوضع للوضع او للتركيب الى تجشم قيد زائد في التعريف إلّا أن يكون توضيحيا ـ انتهى
وفساده واضح ، اذ الملازمة في القضية الشرطية التي رتبها وان كانت حقة إلّا أن الشأن في وضع المقدم واثباته مع انه خلف للفرض ، اذ المفروض الاحتياج الى المعرف الذاتي والحد الحقيقى او الرسم العرفي ، ومع العلم بجنس الوضع ـ وهو التعيين الترسيمي ـ لا حاجة الى معرفة الجنس لحصولها هذا خلف ـ فافهم إن كنت من اهله.