فيرد عليه ان الكلي الطبيعي اذ قيد بالوجود لم يخرج عن كونه كليا طبيعيا ، وليست الكلية من صفات الماهية الموجودة في الذهن مع قطع النظر عن وجودها فى الذهن ، بل الكلي الطبيعي كلي طبيعي في كلا الوجودين ، وسواء لوحظ كل من الوجودين أو قطع النظر عنه ، فلا وجه لقوله قدسسره : «خرجت عن كونها كلية لا محالة» ـ الخ.
وإن كان المراد الكلية العقلية ـ كما لعله يشهد به قوله «خرجت عن كونها كلية» ، اذ الذي ينافيه الجزئية والتشخص هو الكلي العقلي ، وأما الكلي الطبيعي فلا ينافيه شيء.
فيرد عليه ان المفاهيم والمعاني ليست في حدود أنفسها وحرائم ذواتها كليات عقلية ، كما ظهر من بياننا السالف. إلّا أن يقال مراده بتلك المعاني المعاني المقيدة بعدم إباء فرض صدقه على كثيرين ، فتكون كليات عقلية.
وفيه مع ما فيه من التعسف الشديد والتمحل الأكيد انه مع ذلك لا تكون تلك المعاني في حد نفسها كليات عقلية ، بل تكون الكلية العقلية من المعقولات الثانوية الميزانية بالنسبة الى تلك المعاني ، ويكون عروضها لها واتصافها بها كلاهما فى الذهن. إلّا أن يقال : هي ليست من العوارض المتأخرة في الوجود ولا من المحمولات بالضميمة ، بل من العوارض التحليلية التعملية العقلية والخارج المحمول ، فكأنها من ذاتيات تلك المعاني والمفاهيم.
مضافا الى أن المراد لو كان هو الكلي العقلي لزم اجتماع المتقابلين. بيانه : هو أن الكلي العقلي لا محالة يكون كليا ، والمفروض في كلامه ان اعتبار اللحاظ ـ وهو الوجود الذهني ـ يصيره جزئيا وشخصيا ، فيلزم أن يكون كليا جزئيا ، وهو ما رمناه من التالي.