الأمر الثاني تأسيس الأصل المعول عليه في المقام
اعلم ان الحجية عبارة عن كون الشيء بحيث تصح به المؤاخذة والاحتجاج ، ولا ملازمة بين هذا المعنى وجواز التعبد (٢٦) إذ من الممكن تحقق هذا المعنى وعدم جواز التعبد به ، كالظن في حال الانسداد ، بناء على الحكومة. وهذا المعنى إن ثبت بالدليل ، فلا إشكال فيه ، وان شك فيه فهل لواقعه أثر على تقدير ثبوته أم لا؟ بل يكون ما شك في حجيته مع ما علم بعدم حجيته سواء ، وان كانت حجة في الواقع.
والحق فيه التفصيل. وبيان ذلك ان للحجة أثرين : (أحدهما) ـ إثبات الواقع وتنجيزه على تقدير الثبوت (ثانيهما) إسقاطه كذلك (الأول) ما يكون قائما على حكم إلزاميّ من الوجوب أو الحرمة ، وكان مطابقا للواقع ، فانه يصحح العقوبة على ذلك الحكم الواقعي.
(والثاني) ما يكون قائما على رفع الإلزام في مورد ، لولاه لكان مقتضى
______________________________________________________
حقيقة ، بل اما صوري واما عين الواقع ، بخلاف غيرها ، فانها حقيقة ترخيصات ، فلا بد لجمعها مع المنع الواقعي من محيص.
تأسيس الأصل
(٢٦) الحجية بالمعنى المذكور وان لم تكن ملازمة لجواز التعبد ، لكنها بهذا المعنى غير قابلة للجعل ، كما أوضحناه في الحاشية السابقة. والشك فيها ليس إلّا لعدم درك العقل لها ، وهو مساوق لعدمها ، وبالمعنى الّذي يمكن جعلها من قبل الشارع ، ويصح الشك فيها ملازمة لجواز التعبد بها من الشارع ، والحجة المشكوكة بعد الفحص لم يبق لها أثر إلا عدم جواز التعبد بها من الشارع ، ولعله لذلك عنون الشيخ (قدسسره) هذه المسألة بعنوان التعبّد فراجع.