الخصوصيات ، وترجيح أحد هذين المتباينين على الآخر لا يكون إلّا بترجيح العام على تمام الخصوصات ، أو ترجيحها عليه ، فليتدبر.
(الخامس) انه لو بنينا على الترجيح ، واقتصرنا على المرجحات المنصوصة ، مع ملاحظة الترتيب بينها ، فلا إشكال في وجوب الأخذ بالمزية الملحوظة سابقة ، وعدم الاعتناء بالأخرى الملحوظة لا حقة. وان لم نقتصر عليها ، بل تعدينا إلى كل ما يوجب الأقربية إلى الواقع ، أو الأبعدية عن الخلاف ، أو قلنا بناء على الاقتصار أن أدلة الترجيح انما تكون في بيان ذكر المرجحات دون الترتيب بينها ، فمتى وجدت في أحد المتعارضين إحدى المزايا الموجبة لأحد المناطين ، بناء على الأول ، ووجدت أخرى في الآخر كذلك ، أو وجدت إحدى المزايا المنصوصة في أحدهما ، وأخرى في الآخر ، يحكم بالتخيير ، سواء كانت المزيتان راجعتين إلى الصدور ، أو إحداهما إليه والأخرى إلى جهته.
والوجه في ذلك ـ بناء على التعدي ـ ان ملاك الأخذ بأحدهما معينا كونه لو فرض كذب أحد المتعارضين وصدق الآخر أولى بالمطابقة للواقع ، أو كونه منضما إلى شيء يوجب أقربيته إلى الواقع ، على الاختلاف الّذي ذكرناه سابقا في
______________________________________________________
والتخيير في العمل ببعض الخصوصيات ، كما في المتن.
وأما مع ترجيح بعض الخصوصيات ابتداء ، فيتعين ترجيحه ابتداء على العام ، وتعيين ذلك المعارض المبهم في غيره ، وإما أن لا يخرج العمل على العام فيما ذكر عما هو مستهجن من تخصيص الأكثر ، فلا يبعد ما ذكر في المتن ، إلّا أنه بناء عليه لو عمل بالعامّ ، فحيث يلزم العمل على بعض الخصوصيات ، يجب الأخذ بخصوص ما هو راجح أولا ، ثم المساوي ، وأما إن كان العام مرجوحا بالنسبة إلى بعض ، فالظاهر عدم الإشكال في تقدم ذلك البعض على العام ، لأنه لو كان خاصا ، كان مقدما عليه ، فكيف وهو عام ، وحينئذ يعامل مع العام والباقي معاملة المتعارضين ، فاما ان يعمل بجميع المخصصات ويترك العام ، وإما ان يعمل بالعامّ في بعض الباقي ، مخيرا في تعيين ذلك البعض في أي الافراد ، ما لم ينته إلى تخصيص الأكثر.