إذا بقي من العام بعد خروج تلك الخصوصات مقدار لم تكن إرادته منه بشعة ، فالحكم ما ذكرنا. وأما إذا لم يكن كذلك ، بان تكون الخصوصات مستوعبة لافراد العام ، أو لم يبق بعد إخراجها مقدار يصح حمل العام عليه ، فيقع التعارض بين العام ومجموع الخصوصات ، وحالهما حال المتباينين. فحينئذ لا يخلو إما أن يكون كل من العام والخصوصات متساويين في السند وإما لا ، وعلى الثاني إما ان يكون العام أرجح سندا من جميع الخصوصات ، وإما بالعكس. وإما أن يكون راجحا بالإضافة إلى بعض الخصوصات ، ومساويا بالإضافة إلى الباقي ، أو مرجوحا كذلك. وإما أن يكون مرجوحا بالنسبة إلى بعض ، ومساويا بالنسبة إلى الآخر.
ففي الصورة الأولى ، يحكم بالتخيير ، فان أخذنا بالخصوصات يطرح العام كلية ، وان اختير العام ، فلا وجه لطرح الخصوصات رأسا ، إذا لتباين مع المجموع ، لا مع كل واحد ، فحينئذ يطرح منها مقدار لم يكن في الأخذ بالباقي محذور ويقع التعارض بين الخصوصات ، فيحكم بالتخيير ، لعدم الترجيح ، كما هو المفروض. وفي الصورة الثانية يؤخذ بالعامّ بناء على الأخذ بالترجيح ، ويطرح من الخصوصات ما لم يكن في الأخذ بالباقي محذور ، ويلاحظ الترجيح في الخصوصات إن كان ، وإلّا فالتخيير. وفي الثالثة يؤخذ بجميع الخصوصات ويطرح العام. والصور الباقية متحدة في الحكم مع الصورة التي لم يوجد ترجيح في البين أصلا ، (١٥٤) إذ التباين إنما يكون بين العام والبعض المبهم من بين
______________________________________________________
(١٥٤) لا يخفى أن العام إن كان راجحا بالإضافة إلى بعض ، ومرجوحا أو مساويا بالنسبة إلى بعض آخر ، فان كان العمل على العام فيما يكون راجحا يخرجه عن استهجان تخصيص الأكثر ، فلا إشكال في العمل فيما يكون راجحا ، والعمل على الخاصّ في غيره ، ووجهه واضح ، لأن العام لا يعارض كل واحد من الخصوصيات ، بل يعارض مقدرا مبهما ، فلو لم يكن بين الخصوصيات ترجيح ، لا محالة يحكم عند التساوي بالتخيير بين العمل بجميع الخصوصيات وترك العام ، أو العمل بالعامّ