أقول الّذي لا ينثلم هو ظهوره في المعنى التصوري أعنى الملقى في ذهن السامع حين سماعه. وأما ظهوره في إرادة المتكلم ، فلا شك في اختلافه بعد التخصيص بالمنفصل ، إذ قبله ظاهر في إرادة الجميع على حد سواء ، وبعده يقطع بعدم إرادة البعض المخرج ، ويصير ظهوره في إرادة الباقي أقوى. ولذا قد تصل كثرة التخصيص إلى مرتبة يقطع بإرادة الباقي.
والعمدة في عدم الانقلاب هو ما ذكرنا ، من كون الخصوصات في عرض واحد (١٥٢) ولا وجه لملاحظة بعضها قبل الآخر ، حتى يوجب انقلاب النسبة.
______________________________________________________
(١٥٢) الظاهر انه لا معنى لكون الخاصّين في عرض واحد ، إلا كون كل منهما ـ مع قطع النّظر عن الآخر ـ مقدما على العام ، والظاهر أن وجه ذلك ليس إلّا تعارف إلقاء العام وإرادة العموم استعمالا ، مع خروج بعض الافراد منه لبا. ومن الواضح أن خروج فرد منه لبا لا ينافى بقاء ظهور العام في العموم استعمالا ، ولا يحكم بمجازية التخصيص ، بل دليل الخاصّ ينافي كون ذلك الفرد تحت العام جدا ، فيرفع اليد به عن أصالة التطابق بين الجد والاستعمال في هذا الفرد ، فلو ورد بعد ذلك أيضا خاص يقدم على العام ، لعدم انثلام ظهور الإرادة الاستعمالية بخروج فرد لبا ، فيرفع اليد بذلك أيضا عن الأصل المذكور في خصوص هذا الفرد أيضا ، وهكذا إلى ان يبلغ درجة يكون إلقاء اللفظ ـ مع إرادة المعنى استعمالا وخروجه لبا ـ خلاف المتعارف ومستهجنا ، فيعامل حينئذ مع العام وتلك الخواصّ معاملة المتعارضين بتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.
وظهر ما في قوله (قدسسره) : (وأما ظهوره في إرادة المتكلم ، فلا شك في اختلافه ، لأن ظهوره في الإرادة الاستعمالية لا شك في عدم اختلافه. وأما الإرادة الجدية بعدمها غير مضر بتقدم الخاصّ ، وغير مناف لحفظ صورة العام ، وغير مناف لظهوره ، بل مناف لأصالة التطابق كما مرّ.
نعم يبقى على ذلك سؤال عن الفرق بين المنفصل والمتصل ، مع أنه في المقامين