مقدم على العام ، سواء كان مقطوعا من سائر الجهات أو مظنونا أو مختلفا ، وسواء كان العام قطعي الصدور أم لا ، فيبقى الكلام في الخاصّ الظني بحسب الدلالة اللفظية.
فنقول : إن كانا متساويين في الظهور ، فلا إشكال في التوقف ، لأن أصالة ظهور كل منهما معارضة بمثلها ، وإن كان أحدهما أظهر ، ففي تقديم الأظهر ـ وجعله قرينة على صرف الظاهر أو التوقف كالمتساويين ـ إشكال. وما يمكن أن يكون وجها للأول أحد امرين على سبيل منع الخلو.
(أحدهما) ـ ان يدعى أن بناء العرف على تقديم الأقوى عند التعارض ، فلا يكون متحيرا عند تعارض الأمارتين بعد أقوائية إحداهما ، خصوصا إذا كان منشأ الأقوائية ما يكون بنفسه حجة ، كما فيما نحن فيه ، فان منشأ الأقوائية إضافة ظهور هو حجة إلى ظهور آخر. وليس ذلك ببعيد. ولكنه يحتاج إلى تأمل.
(الثاني) ان يقال انا إذا أحرزنا ان المتكلم من عادته ذكر القرائن منفصلة عن كلامه ، بمعنى أنه كثيرا ما يفعل كذلك ، كما هو كذلك في كلمات الأئمة عليهمالسلام تصير كلماته المنفصلة المنافي بعضها مع بعض بمنزلة المتصل ، (١٣٨) فكما أن اللفظ الّذي يكون أظهر دلالة على معناه من لفظ آخر إذا وقع متصلا بالكلام يكون قرينة صارفة كما في لفظ يرمى بالنسبة إلى الأسد ، كذلك هذا اللفظ إذا وقع منفصلا إذا فهمنا بالفرض أن من عادته أن يؤخر ما يكون صالحا للقرينية في الكلام. نعم فرق بين القرائن المتصلة والمنفصلة من جهة أخرى ، وهي أن الأولى تمنع عن انعقاد الظهور ، ويسرى إجمالها لو كان في الكلام
______________________________________________________
(١٣٨) قد مرّ أن العادة المذكورة لا تضرّ في ظهور اللفظ ، وليس المناط في رفع اليد عن الظهور الأول بالثاني إلا كونه أقوى ، وإلا كان مثل الأول أو أضعف ، أو كان مجملا يلزم أن يوهن الظهور الأول ، مع أنه يعمل بالأول في غير صورة التساوي ، وفيهما يعامل معهما معاملة المتعارضين المتساويين. والحاصل : أن صرف الظهور عن جهة تلك العادة مما لا يقبله الوجدان.