المقالة الثالثة
(في تعارضه مع أدلة القرعة)
ومجمل القول في ذلك : أن موضوع القرعة جعل في بعض الاخبار الأمر المشكل ، وفي آخر المجهول والمشتبه ، فان أخذنا بمفاد الأول ، فتقدم الاستصحاب عليها واضح ، لارتفاع الإشكال فيما إذا ورد حكم من الشرع ولو ظاهرا.
وان أخذنا بالثاني ، فنقول بتقدم الاستصحاب أيضا ، لأعمية دليلها منه ، فلا بد من تخصيص دليلها بدليله. ومن هنا يعرف حالها مع سائر الأصول العملية التي كان مدركها تعبد الشارع بها ، إذ ما قلناه في تقديم الاستصحاب عليها جار في الكل.
نعم ان كان مدركها العقل ، فالقرعة واردة عليها ، لكن بشرط الانجبار بعمل الأصحاب ، لأن كثرة التخصيص أوجبت وهنا في عموم أدلتها.
(فان قلت) كثرة التخصيص إن وصلت إلى حد الاستهجان ، فلا يجوز العمل به أصلا ، للعلم بعدم كون العام المفروض على الصورة التي وصلت بأيدينا ، بل كان محفوفا بقرينة حالية أو مقالية لم يلزم بملاحظتها هذا المحذور ، فيصير اللفظ مجملا بالنسبة إلينا ، لعدم علمنا بتلك القرينة تفصيلا. وان لم تصل إلى الحد المذكور ، فهي إن لم توجب قوة الظهور لا توجب وهنا فيه يحتاج جبره إلى عمل الأصحاب به ، بل يحتج به على من لم يعمل به.
(قلت) نختار الشق الأول ، ونقول إن عمل الأصحاب يكشف عن أن اللفظ المفروض مع تلك الضميمة التي كانت معه يشمل المقام ، كما أن إعراضهم عنه ـ مع كونه نصب أعينهم ـ يكشف عن عدم شموله للمقام
______________________________________________________
الاستصحاب ينفيه.