المعلوم أن الشك ـ في تقييد العقد بكونه صادرا من البالغ ـ ناش من الشك في بلوغ العاقد.
وقد يتوهم تقدم القاعدة على الاستصحاب ، من جهة أن أصالة عدم بلوغ العاقد لا تثبت إلا أن هذا العقد صدر من غير البالغ ، وعدم الأثر إنما هو مستند إلى عدم وقوع العقد الصادر من البالغ أصلا. وهذا الأصل لا يثبت ذلك الا على القول بالأصل المثبت ، إذ المفروض انحصار الكلي في الفرد الموجود الّذي حكم عليه بمقتضى الاستصحاب أنه من غير البالغ. وحيث لا نقول بالأصل المثبت ، ولا نحكم بعدم صدور العقد الصادر من البالغ مطلقا ، فان اقتضت القاعدة وقوع ما هو سبب مؤثر ـ أعني العقد الصادر من البالغ ـ فلا يعارضه شيء.
وفيه : أن استصحاب عدم البلوغ يقتضى عدم حصول النقل بواسطة العقد الموجود. والمفروض عدم عقد آخر مؤثر في النقل ، فيصح الحكم بعدم النقل مطلقا ، لأن أسبابه بين مقطوع العدم وما هو بمنزلة العدم.
لا يقال ترتب عدم الكلي على عدم الافراد ترتب عقلي ، فلا يمكن المصير إليه إلا بالأصل المثبت.
لأنا نقول : لا نحتاج في الحكم بعدم النقل إلى الحكم بعدم الجامع بين الخصوصيات ، بل يكفى في ذلك عدم الوجودات الخاصة ، إذ ليس المؤثر الا تلك. نعم لو كان المؤثر هو الجامع من دون ملاحظة الخصوصيات لما صح الحكم بعدمه بإجراء الأصل في الافراد ، إلا على القول بالأصل المثبت. والحاصل أن تنافي مقتضى الأصلين واضح. (١٢٦)
ومقتضى ما قلناه سابقا حكومة الاستصحاب على القاعدة. إلا أن يقال بتقدم أصالة الصحة من جهة ورودها غالبا في موارد الاستصحابات الموضوعية ، ولو لم نقل بذلك تصير كاللغو.
______________________________________________________
(١٢٦) وذلك لأن أصالة الصحة لا تثبت الا ما ينفيه الاستصحاب ، لأن أصالة الصحة تثبت صحة العقد الموجود ، لا صحة العقد الكلي. والمفروض أن