المقام الرابع
أنه قد خرج عن الكلية المذكورة الشك في بعض افعال الوضوء قبل الفراغ عن أصل العمل ، كما لو شك في غسل الوجه ، وهو مشغول بغسل اليد اليمنى ، أو شك في غسل اليد اليمنى ، وهو مشغول باليسرى ، وهكذا ، وهذا من جهة الاخبار والإجماع ، بل وألحق بعضهم بالوضوء الغسل والتيمم.
وكيف كان فحكم الوضوء مما لا إشكال فيه ، إنما الإشكال في أن موثقة ابن أبي يعفور ـ وهي قوله عليهالسلام : (إذا شككت في شيء من الوضوء ، وقد دخلت في غيره ، فشكك ليس بشيء ، إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه) ـ تدل على ان الوضوء باق تحت القاعدة المذكورة ، بناء على عود ضمير غيره إلى الوضوء ، لئلا يخالف الإجماع. وحينئذ يستشكل بان إجراء حكم القاعدة على الوضوء ، ودخوله تحتها ليس منوطا بالدخول في غير الوضوء ، لتحقق بعض جزئيات تلك القاعدة قبل الدخول في غير الوضوء أيضا ، فمقتضى القاعدة المذكورة في ذيل الموثقة عدم الاعتناء ببعض الشكوك ، وان كان قبل الانتقال من الوضوء إلى غيره ، كما لو شك في غسل جزء من الوجه بعد الدخول وغسل اليد مثلا ، أو شك في أصل غسل الوجه بعد الدخول في غسل اليد ، لأنه شك في الشيء بعد التجاوز.
وقد تفصى شيخنا المرتضى قدسسره عما ذكر ، بان الوضوء بتمامه في نظر الشارع أمر واحد ، بملاحظة وحدة اثره ، وهي الطهارة ، فلا يلاحظ كل فعل بحياله ، فعلى هذا لا يصدق التجاوز الا بالانتقال عن أصل العمل إلى غيره ، وناقش في ذلك شيخنا الأستاذ دام بقاؤه ، بان وحدة الأثر لو كانت موجبة لذلك للزم أن يكون الشك ـ في جزء كل عمل قبل الفراغ عنه ـ شكا فيه قبل التجاوز عن ذلك الجزء.