المقام الثالث
الدخول في الغير إن كان محققا للتجاوز ، فلا إشكال في اعتباره ، وإلّا ففي اعتباره وعدمه وجهان ، منشؤهما اختلاف اخبار الباب. ويظهر من الصحيحة ورواية ابن جابر اعتباره ، ومن بعض الاخبار الأخر عدم اعتباره ، فهل اللازم تقييد ذلك البعض بما دل على اعتباره ، كما ذهب إليه شيخنا المرتضى قدسسره ، أو الأخذ بالإطلاق. كما ذهب إليه بعض؟ ثم على التقدير الأول ، هل الغير الّذي اعتبر دخوله فيه يعم كل شيء أو يكون مختصا بأشياء خاصة؟
والّذي يظهر لي هو عدم اعتبار الدخول في الغير مطلقا ، لإطلاق الموثقة (كل ما شككت مما قد مضى فأمضه كما هو) وكذا ذيل موثقة ابن أبي يعفور (إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه).
فان قلت لا وجه للأخذ بالإطلاق مع وجود الاخبار الدالة على القيد ، وأيضا الموثقة وإن كان ذيلها مطلقا ، ولكن ظاهر صدرها اعتبار الدخول في الغير ، فكيف يمكن الأخذ بإطلاق الذيل ، مع ما ذكر من القيد في الصدر؟
(قلت) ما ذكر فيه الدخول في الغير ليس ظاهرا في القيدية ، لإمكان وروده مورد الغالب. والقيد الّذي يصح وروده مع الغالب لا يوجب التصرف في ظاهر المطلق الّذي استقر ظهوره.
نعم لو قلنا بان وجود القدر المتيقن في الخطاب مانع من الأخذ بالإطلاق ـ كما ذهب إليه شيخنا الأستاذ دام بقاؤه ـ لا يمكن التمسك بموثقة ابن أبي يعفور ، لأن المتيقن من موردها هو الدخول في الغير ، لما ذكر في الصدر.
ولكن هذا خلاف التحقيق عندي ما لم يصل إلى حد الانصراف ، وعلى فرض القول بذلك يكفينا إطلاق الموثقة السابقة.
(فان قلت) : إن الظاهر من رواية ابن جابر ـ (ان شك في الركوع