محتمل الحرمة ـ ليس إذنا في المعصية (١٥) ، والحكم بلزوم الاحتياط إنما هو من جهة احتمال الضرر وعدم الأمن من العقاب ، فإذا دل دليل على عدم وجوب الاحتياط ، يؤمن به من العقاب.
ومن هنا ظهر أنه لو دل دليل بظاهره على جواز المخالفة القطعية ، فلا بد من طرحه ، لمنافاته لحكم العقل ، بخلاف ما لو دل دليل على عدم وجوب الموافقة القطعية ، والترخيص في بعض الأطراف إما على سبيل التعيين أو على سبيل التخيير. ويأتي في مبحث البراءة التعرض للأدلة اللفظية ، وأنها هل يستفاد منها الترخيص في ترك الاحتياط أم لا؟
______________________________________________________
(١٥) قد يقال : إن الاذن في المخالفة الاحتمالية أيضا كالإذن في المخالفة القطعية ، لأنه ينجر إلى التناقض ، لأن فعلية التكليف واقعا ـ كما هو مقتضى العلم الإجمالي ـ يناقض عدم الفعلية في الطرف المرخص فيه. هذا على مبنى الجمع بين الحكمين بالفعلية والإنشائية.
واما على الترتب ، فائضا يمكن ان يقال : إن العبد إذا علم بوجوب أحد شيئين فعلا من جميع الجهات ، فالإذن في ترك أحدهما اذن في المعصية بنظره احتمالا ، ونقض للغرض احتمالا ، وكما لا يمكن تصديق العبد أن الحكيم أذن في المعصية قطعا ، كذلك لا يمكن له احتمال ذلك ، فكيف يمكن تصديق العبد الترخيص في المخالفة الاحتمالية مع انه ملازم عنده لاحتمال الاذن في المعصية ونقض الغرض؟
نعم لو تم ما ذكره الشيخ (ره) من استلزام الاذن في البعض لبدلية الباقي للواقع ، وقلنا بجواز جعل البدل ـ ولو كان الواقع على ما هو عليه من الفعلية ـ لصح الترخيص في البعض ، لكن في الاستلزام المذكور ـ وجواز جعل البدل مع فعلية الواقع من جميع الجهات ـ ما لا يخفى.
ويمكن ان يدفع الإشكال بوجه آخر ، وهو أن يقال : إن الترخيص في بعض أطراف المعلوم بالإجمال إن كان بعنوان المولوية والشارعية ، فهو ينافى ويناقض فعلية