في الأقسام الثلاثة إذا كان الأثر مترتبا على نفس بقائها ، من دون أن تحمل وتطبق على جزئيّ في الخارج. وأما لو أريد مع تطبيقه كذلك ، كما إذا أريد أن يحكم باستصحاب الزمان ، بكون هذا الزمان المشكوك فيه نهارا مثلا ، فلا يصح إلّا بالأصل المثبت.
وبعبارة أخرى : إن كان الحكم مرتبا على تحقق النهار ، ففي الآن الثاني يحكم به بالاستصحاب ، ويترتب عليه ذلك الحكم ، وإن كان مرتبا على كون الزمان المشكوك فيه نهارا ، فلا يثبت بذلك الاستصحاب ، لأن كون الزمان المشكوك نهارا امر آخر يلازم بقاء النهار عقلا. اللهم إلا ان يعد من اللوازم الخفية التي لا يراها العرف واسطة ، فلا يضر كما يأتي إن شاء الله تعالى.
ثم نقل «قدسسره» عن بعض معاصريه : أنه ـ في صورة تعلق الحكم بالموضوع المعتبر فيه الزمان ـ لو شك بعد انقضاء ذلك الزمان في بقاء الحكم ، فهناك استصحابان ، أحدهما وجودي ، والآخر عدمي ، فيعارض أحدهما الآخر. مثلا لو علمنا بوجوب الجلوس في يوم الجمعة إلى الزوال ، ثم شككنا بعد الزوال ، فهاهنا أصلان : أحدهما استصحاب وجوب الجلوس ، والآخر استصحاب عدمه.
ورد عليه «قدسسره» بان الزمان إن أخذ قيدا ، فليس هناك إلّا استصحاب العدم ، لأن الجلوس المقيد بما بعد الزوال لم يكن واجبا قطعا ، وإن أخذ ظرفا ، فليس هناك إلّا استصحاب الوجود ، لأن عدم الوجوب انقطع بنقيضه ، فلا يجري فيه الاستصحاب ، بخلاف الوجوب ، فانه كان ثابتا قبل الزوال ، فيشك في بقائه بعده ، انتهى ملخصا.
أقول : يمكن أن يوجه كلام المعاصر المذكور على نحو يسلم عما أورد عليه ، بان نختار الشق الأول. ونقول : بان الزمان وان أخذ قيدا في الموضوع الّذي تعلق به الوجوب ، إلا أن نسبة الوجوب ـ إلى المهملة عن اعتبار الزمان ـ صحيحة ، لاتحاد المهملة مع الأقسام ، كما بينا ذلك في محله ، وبنينا على ذلك صحة إجراء أصالة البراءة في القيد المشكوك ، فراجع مسألة الأقل والأكثر. وعلى هذا